يعود إشكال الحالة اللغوية في الفضاء المغاربي إلى الواجهة من جديد بعد القرار الذي أصدره وزير التربية المغربي سعيد امزازي، والذي يجعل تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية بدلاً من اللغة العربية، مما أثار أصوات اعتراض غير قليلة داخل الرأي العام المغربي. ووفقاً لهذه الأصوات المعترضة، فإن القرار ينافي الدستور المغربي الذي ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، كما يعد تراجعاً عن عملية التعريب التي بدأتها المملكة منذ عقود كمسألة وطنية تحقق فيها نجاح ملحوظ. ويضيف هؤلاء أن التجربة الطويلة للدول المغاربية عموماً مع اللغة الفرنسية ومع تدريس المواد العلمية بها، لم تحقق لهذه الدول إنجازات علمية وثقافية وتنموية لافتة للانتباه مقارنة مع ما كان يمكن أن يتحقق لها بالاعتماد على اللغة العربية. كما يذكر المتعرضون على القرار المذكور أن كثيراً من الطلاب المغاربة لا يكملون دراستهم الجامعية بسبب فرض الفرنسية كلغة للتعليم في مراحله الجامعية العليا، وأن نتائج الدراسات والتقارير الدولية تقول بأن هذه اللغة تعيق مسيرة الاقتصادات المغاربية، وأنها زادت من حالة عدم المساواة وتكافؤ الفرص.
ويحذر أنصار اللغة العربية في الدول المغاربية من خطورة التقليل من شأنها وعزلها وإضعافها وتحطيم مكانتها ومنع انتشارها وحظر إشراكها في العمل التنموي وفي صنع الثقافة الوطنية. ويذكرون أنه منذ احتلال فرنسا لبلدان شمال أفريقيا وهي تحاول جاهدة فرض لغتها هناك بوساطة «اللوبي الفرنسي»، والذي هو أكثر فرنسية من الفرنسيين أنفسهم، والهدف أن يتم تحطيم ما تبقى من الشخصية المغاربية ومسخ هويتها.
وذهب البعض إلى حد اتهام القرار الأخير بأنه يسعى لسلخ المجتمع المغربي من هويته العربية الإسلامية، من خلال فرض اللغة الفرنسية باعتبارها أداة هيمنة، مذكِّرين بأنه لم يثبت بأن تدريس المواد العلمية باللغة العربية هو ما أدى لتدهور التعليم في المغرب، حيث اعترفت المنظمات الدولية المختصة بموضوع التعليم، بتحسنه في المغرب بعد تعريب المواد العلمية منه خلال السنوات الأخيرة.
ويعطي معارضو القرار نماذج من تجارب مختلفة في العالم على أهمية تدريس المواد العلمية باللغة القومية؛ فإسرائيل مثلاً تدرّس جميع المواد العلمية باللغة العبرية، رغم كونها لغة شبه منقرضة، ومع ذلك تحقق الدولة العبرية إنجازات علمية وتقنية كبيرة ولا أحد قال للإسرائيليين إنه ينبغي تدريس المواد العلمية بلغة أخرى.
وكما ذهب البعض إلى حد توصيف القرار بـ«الانتكاسة الحضارية»، فقد اعتبر آخرون أن موافقة النواب البرلمانيين على قرار كهذا تمثل انتهاكاً للدستور.
واستذكر البعض بإعجاب كبير موقف الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين الذي عمل بعد استقلال الجزائر على تعميم التعريب وتجذيره، وكان يمنع الموظفين الذين لا يتقنون العربية من التثبيت في مناصبهم، وذلك من أجل تشجيع القيادات الشابة على تعلم هذه اللغة وتوسيع استعمالها في جميع القطاعات.