يقوم صندوق أبوظبي للتنمية منذ إنشائه في يوليو من عام 1971 بناء على توجيهات المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بدور إنمائي واجتماعي فاعل في مساعدة الدول النامية التي تواجه تحديات صعبة على تحسين ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وتقليل الفقر فيها، من خلال تدشين مجموعة من المشروعات في المجالات المختلفة، وخاصة تلك التي ترتبط بتحسين الأوضاع المعيشية في هذه المجتمعات، كبناء المدارس وإقامة المستشفيات وتدشين محطات المياه والكهرباء. وقد سلط التقرير الصادر عن الصندوق بمناسبة يوم الصحة العالمي، والذي يوافق السابع من أبريل من كل عام، ويصادف ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية، الضوء على طبيعة الدور الحيوي الذي يقوم به الصندوق في تطوير منظومة الرعاية الصحية لدى العديد من الدول النامية، حيث تحتل الصحة مكانة مهمة في أجندة المشاريع التي يمولها الصندوق، وذلك من منطلق إيمانه بأن توفير المتطلبات الصحية الأساسية للإنسان تعد ركيزة أساسية تمكنه من بناء مجتمعه والمساهمة في رفعته وتطوره، ولأجل هذا فقد قام الصندوق، وما يزال، بتمويل إنشاء العديد من المراكز الصحية والمستشفيات الكبرى المجهزة بالمعدات الحديثة كافة لتحقيق الرعاية الصحية الشاملة للسكان، ومكافحة الأمراض والأوبئة الناجمة عن نقص الخدمات الصحية. وتكشف الإحصائيات التي تضمنها هذا التقرير عن الأولوية التي يعطيها الصندوق لدعم المشاريع الصحية في الدول النامية، حيث مول الصندوق نحو 78 مشروعاً متنوعاً في القطاع الصحي بقيمة إجمالية بلغت 4.1 مليار درهم في 16 دولة حول العالم، كما دعم 18 برنامجاً صحياً بالتعاون مع المؤسسات المحلية والمنظمات العالمية وتوفير الإمدادات الحيوية من التطعيمات والأدوية اللازمة للقضاء على الأمراض المعدية. في الوقت ذاته، فإن دعم الصندوق للمشاريع الصحية لا يقتصر على دولة أو منطقة بعينها، وهذا إنما يؤكد جانباً مهماً من فلسفة المساعدات الإماراتية، والمتمثل في كونها لا تتقيد بدولة أو منطقة جغرافية معينة، وإنما تنطلق من اعتبارات أخلاقية وإنسانية تستهدف التخفيف من معاناة البشر في أي مكان، من دون نظر إلى لون أو عرق أو دين. في الوقت ذاته فإن دعم الصندوق للمشاريع الصحية في العديد من الدول النامية لا ينفصل عن الدور الذي تقوم به الإمارات في دعم الجهود العالمية لتحقيق «الأهداف الإنمائية للألفية» المعلنة من طرف «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة»، وذلك من خلال ما تتبناه من فكر ونهج تنموي منفتح على العالم أجمع، واستعدادها التام إلى مد يد العون إلى الدول التي تعاني قصوراً في أحد جوانب التنمية، من دون استثناء، وعدم ادخارها أي جهد أو مال للمساعدة في تنفيذ المشروعات التنموية والمجتمعية حول العالم. وتحتل المشروعات الصحية أولوية متقدمة في أجندة صندوق أبوظبي للتنمية، ولاسيما في مجال القضاء على الأوبئة والأمراض وتقليص أعداد وفيات الأطفال إلى جانب توفير الخدمات الصحية الأساسية التي تحد من معاناة السكان وتوفر لهم مستوى متقدماً من الرعاية الصحية، وتنوعت المشروعات في هذا السياق بين إقامة المستشفيات المتكاملة والعيادات والمراكز الصحية التخصصية، بما فيها تلك المخصصة لأمراض السرطان والقلب، والمجهزة بأحدث المعدات الطبية.
إن الدور الرائد والفاعل الذي يقوم به صندوق أبوظبي للتنمية يجسد فلسفة المساعدات الإماراتية، والتي لم تعد تقتصر على الجانب الإغاثي والإنساني في المناطق التي تتعرض للكوارث والأزمات فحسب، وإنما تتجاوز ذلك لمساعدة الدول النامية والمجتمعات الفقيرة على تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، إيماناً منها بأهمية التضامن الدولي في مساعدة الدول الصديقة والشقيقة التي تواجه تحديات تنموية مختلفة، ولهذا فقد واصلت خلال السنوات الماضية، وما تزال، جهودها الرامية إلى تقديم مختلف أنواع المساعدات للعديد من الدول، من خلال برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمشاريع الصحية التي تسهم في تحسين ظروف هذه الدول، وتوفير مقومات العيش الكريم لمجتمعاتها.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية