الدولة الليبية تستعيد نفسها من مختطفيها من حلفاء قطر وتركيا الأشرار الحاقدين على ليبيا وشعبها، والطامعين في ثرواتها والعابثين بشعبها ومقدراتها وواقعها منذ ما بعد الربيع الأصولي المشؤوم على ليبيا والمنطقة.
التحالف مع «الإخوان» والأموال الطائلة والخيانة الغادرة شكلت ثالوث الشر القطري على مدى عقودٍ من الزمان في العديد من الدول العربية وليبيا تمثل نموذجاً صارخاً للاستراتيجية القطرية وقد عانى شعبها الأمرين من هذه الاستراتيجية الممتدة منذ ما قبل سقوط نظام القذافي إلى إسقاطه إلى اليوم.
دعمت قطر كل إرهابيي ليبيا ما قبل، ثم سعت لإدخال حلف «الناتو» للمعركة إبان «الربيع» الأصولي بعلاقاتٍ مشبوهةٍ وصفقاتٍ فاسدةٍ ثم نشرت الإرهاب في طول البلاد وعرضها، بدعمٍ تركي لا محدودٍ وبسلاحٍ سوداني مئة بالمئة حينذاك، حتى سيطرت جماعات الإرهاب على كامل ليبيا وظنت أنها انتهت من ليبيا، ولكن الشعب الليبي وجيشه الوطني ونخبه الحرة أبت ذلك وها هي تنتفض لنفسها اليوم في أيامٍ تاريخيةٍ.
لم تستطع الدوحة إخفاء آلامها المتوالية منذ سنواتٍ، ولكنها تعض على جراحها وتهرب للأمام، ومع كل خسائرها الكبرى في كل المنطقة وكل أزماتها إلا أنها لم ترفع راية الاستسلام بعد إلا أنّ كل الأحداث تشير إلى أنها ستخضع مرغمةً، ولن يزيدها عنادها الاستراتيجي إلا جراحاً عميقةً سيكون أثرها أطول عمراً من صانع القرار فيها بأمدٍ بعيدٍ.
الألم القطري في ليبيا سيكون كبيراً وكاسحاً عند استكمال نجاح عمليات الجيش الوطني الليبي في استعادة الدولة، وستكون واحدةً من أقوى الهزائم لقطر بعد الهزائم التاريخية في مصر والعراق والبحرين وسوريا واليمن، ولن يجديها شيئاً تحالفها مع إيران وتركيا، فالدولتان تشهدان أوضاعاً تزيد من الآلام القطرية وتعمقها. ما فعلته قطر في سنواتٍ طويلةٍ تمّ القضاء عليه تدريجياً في سنواتٍ معدودةٍ بعدما انفضحت وفقدت قدرتها على الخيانة والغدر، فالغادر يفقد قيمته بمجرد انكشافه، وجماعة «الإخوان» صنّفت إرهابية في الدول العربية القائدة والرائدة ويتمّ فضحها في العديد من دول العالم وبخاصة الدول الغربية تباعاً وبشكل منهجي ومستمرٍ، والأموال الطائلة تنقص بشكل متسارعٍ ويتم استنزافها بعيداً عن مصالح الشعب القطري.
من الآلام القطرية الكبرى حجم الرشى والأموال التي تدفعها لجمعيات حقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية ومراكز التفكير ورجال البرلمانات والمعلقين السياسيين في الدول الغربية، فقد باتت الفضائح تفوح بشكل مستمرٍ وتخرج تباعاً قوائم بالأسماء والمناصب والمهام وتحويل الأموال للشبكة التي تديرها قطر، وأحداث مثل ما يجري في ليبيا اليوم فرصةٌ مهمةٌ لرصد المرتشين والمؤدلجين والفاسدين المتعاونين مع قطر. الآلام القطرية تصاعدت بشكلٍ واضحٍ بعد مقاطعة الدول العربية الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ووضع قطر تحت الرقابة المالية الدولية كفّ يدها عن الكثير من الشرور التي كانت تمارسها، وهي ستتهور في الفترة المقبلة لأهمية ليبيا الكبرى بالنسبة لها، ويمكن رصد ذلك.
الجيش الوطني الليبي أوضح بما لا يدع مجالاً للشك حرصه الشديد على المواطنين الليبيين ومصالح الدولة الليبية، وأنه لن ينجر لأي استفزازات تحول دون تحقيق هدفه، ولكن عملاء قطر في ليبيا لن يألوا جهداً في تدمير الشعب الليبي ولن يراعوا فيه إلا ولا ذمةً، لأن تعليماتهم تأتي من الخارج، ومن قطر تحديداً، حيث أسلوب قطر الداعم للإرهاب الدموي البغيض والتخريب المنظم والقتل العشوائي، ولن ينسى الشعب الليبي ما صنعته قطر في وطنهم عبر سنواتٍ مظلمةٍ من تاريخهم وتاريخ دولتهم، والمستقبل كفيل بإظهار الوعي الليبي بحلفائه الصادقين وأعدائه الحاقدين.
أخيراً، فصانع القرار القطري سيكون تحت ضغطٍ شديدٍ في المرحلة المقبلة وستزداد آلامه ومآسيه.
*كاتب سعودي