في الثاني والعشرين من مارس، غرّد الرئيس ترامب على «تويتر» قائلاً: «إنه وجّه بـ(سحب) حزمة عقوبات على كوريا الشمالية». ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سحب حزمة مرتقبة من العقوبات أم تلك التي كان قد تم الإعلان عنها قبل يوم واحد من تغريدته. وعلى رغم من أن الرئيس لم يشرح أسبابه، إلا أن «سارة ساندرز» أوضحت أنه ألغى العقوبات لأن «الرئيس يحب كيم، ولا يعتقد أن هذه العقوبات ستكون ضرورية».
وتعكس هذه السياسات التي يمكن التراجع عنها بتغريدة فوضوية الإجراءات المرتبطة بالأمن القومي الأميركي. وعلاوة على ذلك، تكشف أيضاً عن مشكلة أوسع نطاقاً فيما يتعلق بنهج ترامب عموماً تجاه العقوبات: على رغم من استخدامها بصورة مكثّفة ضد كوريا الشمالية وروسيا وفنزويلا، إلا أن العقوبات لا تجدي نفعاً في حل أي من التحديات التي تمثلها هذه الدول على الأمن القومي.
ولا تكمن المشكلة في ضعف جهود وزارة الخزانة، التي عكفت على وضع عقوبات مبتكرة وبوتيرة قوية، وإنما في أن العقوبات في حد ذاتها ليست ترياقاً يمكن من خلال استخدامه بصورة مكثفة تحقيق نتائج السياسات الخارجية المرجوّة.
ولأنه أتيحت لي الفرصة لكي أشرف على الجهود الأميركية فيما يتعلق بالعقوبات على مدار سنوات، فأنا مقتنع تمام الاقتناع أن هناك ثلاثة شروط على الأقل من الضروري توافرها لكي تجدي العقوبات نفعاً. الأول: إنه لابد من توظيف العقوبات لخدمة هدف سياسي واضح ومن الممكن تحقيقه. فإذا كان الهدف غامضاً أو من المستحيل تحقيقه، فإن العقوبات لن تحقق شيئاً.
ثانياً: لابد من استخدام العقوبات إلى جانب أدوات أخرى لإظهار القوة الأميركية، بما في ذلك الدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية والتلويح بالقوة العسكرية. فالعقوبات وحدها قلما تحقق أهدافاً كبيرة.
ثالثاً: تحقق العقوبات أفضل نتائج عندما تعززها تحركات تكميلية من قبل شركاء دوليين يتقاسمون مع الولايات المتحدة الهدف السياسي ذاته. وعلى رغم من أن الدولار والنظام المالي الأميركيْين يهيمنان على التمويل والتجارة الدولية، إلا أننا نعيش في عالم يعتمد على بعضه البعض. وإذا سعت الدول الأخرى، وخصوصاً ذات الاقتصادات الكبرى، إلى تقليص أثر عقوباتنا، فهناك سبل لتحقيق ذلك.
وفي كوريا الشمالية، تخفق إدارة ترامب في توفير الشروط الثلاثة كافة. فليس هناك هدف سياسي محدد المعالم بوضوح، كأن نسعى إلى نزع كامل ونهائي للأسلحة النووية من كوريا الشمالية بصورة يمكن التحقق منها. ويبقى السؤال: هل يمكننا أن «ننام الآن جيداً» لأنه لم يعد هناك تهديد بسبب العلاقة الشخصية الجيدة بين ترامب وكيم جونج أون؟
وعلاوة على ذلك، لا توجد جهود منسقة داخل الحكومة لتحقيق هذه السياسة، لاسيما منذ أن أوقف ترامب بصورة أحادية المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية، وأوهن دبلوماسييه بإظهار أنه وحده هو من يمكنه التفاوض مع ترامب.
وفي الوقت الراهن، ليس هناك سوى النذر اليسير من التأييد الدولي للعقوبات، كما أن الضغوط متعددة الجوانب التي زاد زخمها في 2017 تقوضت بإعلان ترامب في يونيو الماضي أنه «لم يعد هناك تهديد نووي من جانب كوريا الشمالية»، وأضعفت مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي عندما فاجأ ترامب وزارة خزانته بتغريدة مندفعة حول إلغاء العقوبات. والإفراط في استخدام عقوبات أحادية الجانب سعياً لتحقيق أهداف غير واضحة وغير قابلة للتحقيق من المرجح أن تقوض قوة هذه العقوبات ذاتها، بينما تسعى دول أخرى لإيجاد طرق بديلة للالتفاف على النظام المالي والدولاري الأميركي. وهذه هي خطورة فرض العقوبات أو سحبها بناء على أهواء شخص واحد!
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»