يبدو أن الفضاء هو المستقبل، فهو صواريخ وسفن وروّاد الفضاء. لكن مفاهيمنا عن المستقبل مبنية على التمييز على أساس جنسي كما كانت الحال في خمسينيات القرن الماضي، ولا يرتبط الأمر بأفكارنا فحسب، وإنما بالبنية التحتية الفعلية للسفر إلى الفضاء. فكيف يمكننا أن نحقق ما لم يحققه أحد من قبلنا، عندما تسير امرأتان معاً على سطح القمر في الوقت ذاته؟
وخلال الأسبوع الجاري، كانت هناك فرصة دعاية عظيمة أمام وكالة «ناسا» الأميركية لكنها تحوّلت إلى كارثة عندما تم إلغاء أول رحلة «سير في الفضاء» مكونة من سيدات بالكامل بداية من رائدات الفضاء، وحتى مديرات الرحلة على الأرض، في الذكرى السنوية الخمسين للوكالة، وذلك بسبب مشكلات لوجيستية.
وسير امرأتين في الفضاء في الوقت ذاته كان مصادفة منذ البداية، إذ أنه عندما تعطلت مركبة «سويوز» الفضائية أثناء الإطلاق العام الماضي، حدث تحول في الجدول الزمني لروّاد الفضاء في محطة الفضاء الدولية، وهو ما أدى إلى تزامن تواجد رائدتي الفضاء «آن ماكلين» و«كريستينا كوش» في الوقت ذاته هناك.
وهو ما يؤكد بالفعل، أن وجود امرأتين معاً تسيران في الفضاء من قبيل المصادفة. لكن السيناريو ازداد سوءاً بعد أن تم إلغاء أول مهمة سير في الفضاء لامرأة كانت مزمعة الأسبوع الماضي، عندما أدركت «ماكلين» أنها تحتاج إلى استخدام مقاس وسط من بدلة الفضاء «وحدة الانتقال خارج المركبة الفضائية»، التي يستخدمها روّاد الفضاء، وكذلك «كوش».
بيد أن تصميم وحدات الانتقال خارج المركبات الفضائية تم تصميمها قبل أكثر من 40 عاماً، عندما كان جميع روّاد الفضاء من الرجال. ولا تزال هنا 11 وحدة من الوحدات الـ18 الأصلية قيد الاستخدام حتى الآن، لكن أربعاً منها فقط هي المقيمة بأنها ملائمة للرحلات الفضائية وجميعها موجودة في محطة الفضاء.
والمفارقة أن «ناسا» تُدرك مشكلة الوحدات غير الملائمة للنساء منذ عقود، لكنها تفتقر إلى تمويل من أجل تصنيع وحدات جديدة، لذا كل ما استطاعت فعله هو الحفاظ على وحدات يمتد عمرها إلى 40 عاماً، حاملة معها التمييز الجنسي إلى الحاضر!
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»