تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، جهودها الإنسانية والتنموية، وتعمل دائماً عبر مؤسساتها المتعددة على دعم مشاريع التنمية المستدامة في المنطقة والعالم، وفي هذا السياق يبرز «صندوق أبوظبي للتنمية» كإحدى أهم الأذرع التنموية لحكومة أبوظبي، حيث يلعب دوراً أساسياً في مواجهة المشاكل والمصاعب التي تعانيها العديد من الدول النامية، المتمثلة في الحصول على التمويل الضروري لتطوير المشاريع التنموية المختلفة. فقد عمل الصندوق ومنذ تأسيسه عام 1971 كشريك استراتيجي للعديد من الدول وقدم دعماً كبيراً وقوياً لها، وموّل بشكل ثابت الكثير من المشاريع والبرامج التي تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها، بما ينعكس بشكل مباشر وإيجابي على توفير سبل العيش الكريم لشعوبها.
وبرغم تنوع وشمولية اهتمامات الصندوق، حيث يقدم الدعم لكل جوانب التنمية في القطاعات المختلفة، فإنه يولي بعض القطاعات أهمية خاصة، ومنها قطاع المياه، وخاصة أن الكثير من دول العالم، وخاصة النامية منها، تعاني مشكلة حقيقية، سواء فيما يتعلق بمياه الشرب أو تلك الخاصة بالري، وهذا ينعكس في حجم المساعدات التي قدمها الصندوق في هذا المجال، حيث استحوذ قطاع المياه على ما نسبته 12% من إجمالي تمويلات صندوق أبوظبي للتنمية البالغة حولي 81 مليار درهم، فقد مول الصندوق على مدار ما يزيد على أربعة عقود من عمره، نحو 108 مشاريع في قطاع المياه بقيمة إجمالية بلغت 8 مليارات درهم، استفادت منها 56 دولة نامية.
إن الدعم الكبير الذي تقدمه دولة الإمارات لقطاع المياه عبر مؤسساتها المختلفة، ومن أهمها بالطبع صندوق أبوظبي للتنمية له أهمية خاصة، ليس لحاجة الدول الأخرى إلى مثل هذا الدعم والمساعدة فقط، وإنما لأن قطاع المياه يعد من القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة أيضاً، فالمياه هي عصب الحياة وشريانها الرئيسي، وهي أساسية في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنعكس تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على العديد من القطاعات الأخرى وخاصة الزراعية والصحية، بالإضافة إلى الصناعة والطاقة، خاصة النظيفة، التي تعد المياه أحد أهم مصادرها المهمة.
ويعمل الصندوق - الذي يهدف إلى مساندة الدول النامية عن طريق تقديم قروض ميسرة لتمويل المشاريع التنموية، إضافة إلى قيامها بالاستثمار والمساهمة المباشرة والطويلة الأجل في الدول النامية- على توسيع دائرة عمله، وتفعيلها باستمرار من أجل مساعدة هذه الدول على تحقيق التنمية المستدامة المنشودة. إن ما يقدمه «صندوق أبوظبي للتنمية» من مساعدات لدول العالم النامية التي تجاوزت الـ 80 دولة، وحرص الصندوق على زيادة حجم المساهمات بشكل دائم وعاماً بعد عام، ينطوي على دلالات مهمة، من بينها:
أولاً، التزام دولة الإمارات الثابت بقضايا التنمية الدولية، فهذا التوجه يشكل في الحقيقة أحد أهم ثوابت سياستها الخارجية، وذلك من منطلق إيمانها بأهمية التعاون والتضامن الدولي في مساعدة الدول الصديقة والشقيقة التي تواجه تحديات تنموية مختلفة، ولهذا فقد واصلت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية جهودها لتقديم مختلف أنواع المساعدات للعديد من الدول من خلال برامج التنمية في القطاعات المختلفة، بل وعملت على تكثيف حملاتها ومبادراتها في هذا الاتجاه.
ثانياً، حرص دولة الإمارات على تحقيق الأمن والاستقرار في العالم، فلم يعد يخفى أن من أهم أسباب حالة عدم الاستقرار، سواء على مستوى العالم، أو على مستوى الأقاليم والمناطق، وحتى التطرف والإرهاب، هو الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتردي الظروف المعيشية في العديد من دول العالم، ولهذا فإن دولة الإمارات تحرص، وفي الوقت نفسه تؤمن بأن تحقيق الاستقرار والسلم العالمي يتطلب تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص الحياة الكريمة لكل الناس.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية