رُفض مصطلح «الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين» من قبل أولئك الذين شعروا بالقلق من أن يؤدي ذلك إلى تشويه صورة الدين الإسلامي، وأن يفضي إلى تنفير الحلفاء المسلمين في الحرب ضد الإرهاب العالمي. وفي سنوات باراك أوباما، اضطررنا أحياناً لاستخدام مصطلحات مثل «التطرف العنيف»، رغم الالتباس الشديد للعبارة وما تحمله من خطر تخفيف الإجراءات المطلوبة لمواجهة تهديد أولئك الذين يقترفون العنف باسم الدين.
ومع اقتراب انتخابات 2016، استغل دونالد ترامب، المرشح آنذاك، هذا الأمر كسلاح في المعركة الانتخابية. وقال: «إنهم إرهابيون إسلاميون متطرفون، ورغم ذلك لم تذكر هي ولا الرئيس أوباما الكلمة»، في إشارة إلى هيلاري كلينتون أثناء مناظرة رئاسية في أكتوبر 2016. وأضاف: «لابد من تحديد المشكلة وتسمية الأشياء بمسمياتها».
وقد مضت بضعة أسابيع منذ توقيف الملازم «كريستوفر باول هاسون» (49 عاماً)، وهو أحد أفراد حرس السواحل الأميركي وينتمي للنازيين الجدد، بتهمة التخطيط لهجمات «من أجل قتل مدنيين أبرياء على نطاق قلّما شهدته الولايات المتحدة»، بحسب مستندات الاتهام الحكومية. وفي منزله بـ«سيلفر سبرنج»، عثر المحققون على 15 بندقية و1000 طلقة، وأوضحوا أن «هاسون»، الذي تأثر باليميني المتطرف النرويجي «أندريه بيهرينج بريفيك»، جمع قائمة لاستهدافها تضم قادة ديمقراطيين ورموزاً إعلامية.
لكن بعيداً عن تصريحات المدعين العموميين، بدت كل من وزارة العدل والقوات المسلحة هادئتين بصورة استثنائية بشأن «هاسون» والمشكلة التي يُمثلها. وبالكاد، أجاب ترامب رداً على سؤال قائلاً: «أعتقد أنه عار!».
والحقيقة أنه بالإخفاق في تحديد «أيديولوجية تفوق البيض» التي يؤمن بها «هاسون»، يخاطر الجيش بإهمال التجمعات الخطيرة في هيكل قوته، ومن ثم إيجاد طريقة للتخلص منها.
وقد توصل استطلاع للرأي أجرته صحيفة «مليتاري تايمز» في 2017 إلى أن زهاء 22% من أفراد الجيش شاهدوا دليلاً على وجود «أيديولوجية عنصرية داخل القوات المسلحة». وبالنسبة لأفراد الخدمة من غير البيض، تتجاوز النسبة 50%. وأشار المستطلعة آراؤهم إلى اللغة العنصرية في المحادثات الاعتيادية، والوشوم المرتبطة بجماعات البيض.. كأدلة على أيديولوجية مفعمة بالكراهية.
وفي هذه الأثناء أفاد مسؤولو الجيش أمام الكونجرس بأن 18 فرداً فقط من بين 1.3 مليون شخص يخدمون سنوياً، قد تم إعفاؤهم أو إخضاعهم لإجراءات تأديبية بسبب نشاط عنصري منذ عام 2013، مما يشي بأن أجهزة الجيش تنظر إلى هذه المشكلة كحالات يمكن إخضاعها لإجراءات تأديبية فحسب، وليس كأيديولوجية ينبغي اقتلاعها من جذورها.
على الجيش، وهو المؤسسة التي لطالما قادت الولايات المتحدة على طريق الاحتواء والاندماج، أن يعالج معضلة العنصرية بين صفوفه، وأن يقتلع القوى التي يمكن أن تؤدي إلى التطرف، إذ لا يمكن السماح لمن يضمرون الكراهية باستخدام المهارات العسكرية التي يكتسبونها، سواء خلال الخدمة أو بعد التقاعد.
ولابد أن تقود قصة «هاسون» أجهزة الجيش للتعامل بحزم مع أية علامات سلبية أثناء عملية تجنيد أو خدمة الجندي، لاسيما أن المسؤولين الفيدراليين أكدوا أن «هاسون» كان قد جنح إلى التطرف منذ سنوات، وأن كراهيته ازدادت أثناء العمل. فإلى أي مدى تنتشر هذه المشكلة؟ على وزارة الدفاع أن تبحث عن معلومات أكثر من المتوافرة لديها حالياً. ويمكن أن تبدأ بتسمية المشكلة باسم من قبيل: اليمين المتطرف في الزي العسكري، ولاينبغي أن تتجاهلها مطلقاً.

*مساعدة لوزير الأمن الداخلي في ظل إدارة أوباما، ومديرة برنامج الأمن الوطني بجامعة هارفارد
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»