نستفتح حديثنا هنا بعبارات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بمناسبة يوم المرأة الإماراتية، وذلك في قوله: «تقدر تتنفس برئة واحدة، تقدر تمشي بس على رجل واحدة، تقدر تشتغل بيد وحدة؟ المرأة نصف المجتمع، الواحدة بألف رجال. وهي الأم والمربية وهي الأخت وهي الزوجة وهي المبروكة وهي المعلمة. سطرت أم الإمارات أروع الإنجازات في تمكين المرأة الإماراتية.. شكراً أم الإمارات».
كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، على أن المرأة هي نبض الحياة وصانعة الرجال وملهمة الأجيال. وقال سموه في حسابه على «تويتر» "مع احتفاء العالم بيوم المرأة.. نحيي أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وستظل المرأة رمزاً للمحبة والسعادة وطاقة متجددة تشارك في مسيرة البناء والتنمية".
إن إلقاء نظرة على التحولات التي حدثت على مستوى المجتمع، وتحديداً فيما يخص المرأة الإماراتية منذ قيام دولة الاتحاد، توضح لنا كيف تقدمت المرأةُ الإماراتية بخطوات كبيرة ومكينة، وكيف تجاوزت باقتدار الحقب التقليدية السابقة مسجلةً بذلك رصيداً اجتماعياً معتبراً، بمشاركتها في عدة مجالات.
الاهتمام بالمرأة الإماراتية ينطلق من الموقف الإيجابي للقيادة السياسية منذ قيام دولة الاتحاد. وقد شهدت مسيرة الحياة البرلمانية في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفي خطوة عززت من موقع الإمارات في مصاف الدول المتقدمة في دعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعمل البرلماني.. وصول تسع نساء إلى عضوية المجلس الوطني الاتحادي، وانتخاب معالي الدكتورة أمل عبد الله القبيسي رئيسةً للمجلس، كأول امرأة تترأس مؤسسة برلمانية على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
دعونا نقارب الموضوع بمنهجية تتعالى على ثنائية رجال ونساء، بحيث يجر كل جنس حبل مركبه.. فهذه معادلة صفرية لا يمكن أن تكون بناءة ومفيدة.. وبدلاً من ذلك ينبغي النظر إلى المرأة والرجل في سياق سيرورة المجتمع، بمكونَيْه (النساء والرجل)، فهما معاً قوام الأسرة ومكونها الأصيل وضمان الأمن الأسري. وعلى هذه القاعدة الذهبية، تتكامل المرأة والرجل، ويقوم بينهما وئام واحترام واعتماد متبادل.
ولنتوقف قليلاً عن الاندفاع في الابتعاد عن الأسرة، والنظر بروية إلى الصورة الملونة القائمة أمامنا، بعمر أربعة عقود في مسيرة المرأة، بما طرأ على أوضاعها من تبدلات اجتماعية خلال الأجيال الجديدة، بنسب متفاوتة. الأمر يحتاج إلى بحث ودراسة اجتماعية حول موضوع نسب الطلاق المرتفعة، والتي تفوق نظيرتها في دول الخليج وحتى دول عربية عديدة، مع ارتفاع نسبة العنوسة بصورة ملفتة. لعل أكبر مسببات ذلك، تعود إلى غياب الأم لساعات طويلة في العمل، مما ينعكس سلباً على تربية الأبناء وعلى الزوجين معاً، فيتحول ليشكل أسباباً لخلافات أسرية. والأمر يتفاقم يوماً بعد آخر، لاسيما في ظل الثورة الرقمية (السيبرانية)، بما يعيد تشكل أبنائنا وفق جينات «مهجّنة» جراء احتضانهم من قبل الآلات بدل الأم والأب.
إن بداية حل أي مشكلة، تتمثل في الاعتراف بوجودها أولًا، لذلك علينا كآباء وكأمهات وكأسر، التوقف والنظر ملياً! حكومتنا حكيمة في البحث في الحلول الممكنة بما يعود إيجاباً لصالح عامة الشعب، خاصة فيما يخص الأسرة، حتى ولو تطلب الأمر تخفيض ساعات العمل بالنسبة للأمهات وزيادة إجازات الوضع لصالحهن.