إذا كنت تشاهد فيلم «الكتاب الأخضر»، قد تترك المسرح معتقداً أن الأشخاص الذين صنعوا الفيلم مقتنعون أن العنصرية الأميركية ماتت في إحدى ليالي عيد الميلاد الثلجية في الوهج الدافئ لشقة «برونكس» عام 1962، عندما قبل عازف البيانو الأسود «دون شيرلي» دعوة للعشاء من سائقه الإيطالي الأميركي«توني فاليلونجا».
بيد أن أفلاماً مثل «الكتاب الأخضر» – مع قصصها المبنية على العنصرية كما هي من خلال أعين الأشخاص البيض الطيبين – في منتهى السوء لأنها تشكل خطراً. وهي تندرج تحت شعار«تم إنجاز المهمة» المعلق فوق أميركا. إنها العلف لمطحنة «ما بعد العنصرية». في عالم قصة «الكتاب الأخضر»، المبني على قصة واقعية، لم يعد رجال الشرطة يضايقون سائقي السيارات السود. بيد أننا نعيش في عالم حقيقي. ولا يزال الأميركيون السود بحاجة إلى «كتاب أخضر» لاستكشاف الولايات المتحدة.
إن «الكتاب الأخضر» هو إشارة إلى «الكتاب الأخضر لسائق سيارة زنجي»، وهو دليل للمسافرين السود في عصر الفصل العنصري في الولايات المتحدة. وذات مرة، كتب مؤلف الدليل، وهو عامل بريد أسود يدعى «فيكتور جرين»، بتفاؤل كما تبين، أنه «سيكون هناك يوماً ما في المستقبل القريب حيث لن تكون هناك حاجة إلى إصدار هذا الدليل. هذا سيحدث عندما نحصل، نحن كعرق، على فرص ومزايا متساوية في الولايات المتحدة». لكن نهاية عصر«الكتاب الأخضر لسائق سيارة زنجي»–والذي أعقب بطبيعة الحال الموت القانوني للفصل العنصري – لا يجب تفسيره على أنه موت للعنصرية.
لقد أدركت كيف لم تمت أشد أشكال العنصرية خطورة، والتي كانت موجودة في عام 2014، حيث امتلأ حسابي الخاص على «فيسبوك» باستعراض لا نهاية له للأهوال، وبدأت في تتبع وتسجيل الحوادث والبيانات والتقارير البحثية ذات الصلة. وقادتني قراءة كتاب «100 عام من العزلة»، وهو تجميع مروع للمقالات الإخبارية التي تسرد بالتفصيل الوفيات التي وقعت للسود على أيدي الأميركيين البيض، إلى وضع المعلومات التي كنت أقوم بتجميعها في صفحات مطبوعة. وقررت استعارة الهيئة والشكل الجمالي لـ«الكتاب الأخضر لسائق زنجي»، بنظرته المتفائلة لـ«المستقبل القريب» في الولايات المتحدة. وكانت النتيجة هي الطبعة الأولى من«الكتاب الأخضر لزنجي ما بعد العنصرية»، والتي تقدم لقطة حقيقية عن العلاقات العرقية المعاصرة في الولايات المتحدة.
هناك مشاريع أخرى معاصرة تحمل إرث «الكتاب الأخضر لسائق زنجي». ففي ولاية نيو أورلينز، حيث أقيم، أتجنب التعامل مع بعض الشركات بسبب سمعتها فيما يتعلق بالإدارة العنصرية أو تاريخها من الحوادث العنصرية. ويساعدني في هذا المسعى «الكتاب الأسود لنيو أورلينز»، وهو دليل محلي للشركات السوداء «للمواطنين الحذرين».
إنني أدرك أن أميركا التي تهاجم باستمرار حسابي على «فيسبوك» –وهي أميركا التي قدمتها فعلياً في كتابي – ليست، بوجه عام، هي الدولة نفسها التي يراها الأميركيون البيض.
جان مايلز
مؤلف «الكتاب الأخضر لزنجي ما بعد العنصرية»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»