تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها الإنسانية حول العالم، حيث تحظى مسألة مساعدة المحتاجين بأولوية كبرى وعلى مختلف المستويات، وذلك بالطبع منذ عهد المغفور له، مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان نصيراً للمحتاج والمظلوم أينما وجد. وهناك حرص دائم على مواصلة هذا النهج الذي أصبح في الحقيقة جزءاً لا يتجزأ، وعنصراً أصيلاً في توجه وسياسات واستراتيجيات الدولة، بل صفة ملازمة للإمارات حتى أصبحت من أهم مرتكزات العمل الإنساني والإغاثي والإنمائي على المستوى العالمي؛ ولذلك نجد أن هناك حرصاً مستمراً على تكثيف الأنشطة والمبادرات والحملات في هذا المجال، خاصة تلك الموجهة إلى المجتمعات والدول التي تعاني ظروفاً إنسانية صعبة وتحتاج إلى اهتمام ورعاية خاصة، مثل أقلية الروهينجا المسلمة. وفي هذا السياق، كثفت حملة الشيخة فاطمة الإنسانية العالمية «على خطى زايد» التي انطلقت العام الماضي بناءً على توجيهات من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، مهامها بعلاج الآلاف من الأطفال والنساء في مخيمات اللاجئين الروهينجا على الحدود البنجالية، بإشراف نخبة من أطباء الإمارات وبنجلاديش وتحت شعار «كلنا أمنا فاطمة».
وتأتي هذه الحملة انسجاماً مع نهج مسيرة العطاء في العمل الإنساني التطوعي الذي أرسى قواعده المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، للعمل التطوعي وترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لترسيخ ثقافة العمل التطوعي والعطاء الإنساني. فهذه الحملة وغيرها من الحملات التي لا تتوقف، تعبر في الواقع عن فلسفة العمل الإنساني لدولة الإمارات، والتي تستهدف في أحد جوانبها المهمة تخفيف معاناة اللاجئين، وتقديم كل أوجه الرعاية الممكنة لهم، لمساعدتهم على تجاوز الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يواجهونها.
وتكتسب الحملة المتواصلة على الحدود البنغالية أهمية متزايدة، وخاصة مع استمرار معاناة الروهينجا والظروف الإنسانية الصعبة جداً التي يعيشونها من جراء حملة التطهير العرقي التي يقودها الجيش البورمي ضدهم. وتركز هذه الحملة بشكل رئيس على الأطفال والنساء؛ لأنها الفئات الأكثر تضرراً في حملات التطهير التي تعد من الأكثر وحشية في العالم.
إن دعم «لاجئي الروهينجا» والتضامن معهم يجسد الوجه الإنساني والخيري لدولة الإمارات، التي لا تتردد في طرح وتنفيذ المبادرات التي تستهدف التخفيف من معاناة البشر، وهي في ذلك تقدم النموذج للآخرين لكي يسلكوا هذا النهج نفسه، ويتحركوا انطلاقاً من اعتبارات أخلاقية وإنسانية، ولهذا فإنها تعتبر بحق عاصمة العالم الإنسانية؛ لأنها أسست لرؤية عميقة ترى في العمل الإنساني ضرورة لترسيخ السلام والتعايش والاستقرار الشامل، خاصة أن العديد من الأزمات الإنسانية قد تنطوي على تهديد واضح للأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذا كانت نتاج انتهاكات حقوق بعض الأقليات والعرقيات.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الدعم الإماراتي للروهينجا لا يقتصر على الجانب الإنساني والإغاثي، وإنما يشمل أوجهاً أخرى بما فيها السياسي، حيث تبنت الدولة منذ بداية الأزمة موقفاً مناصراً لهذه الأقلية التي صنفتها الأمم المتحدة على أنها أكثر أقلية تتعرض للاضطهاد في العالم، وهي تدعو في مختلف المحافل الأممية والدولية إلى ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي ومؤسساته، التي على رأسها بالطبع الأمم المتحدة، بمسؤولياتها لإيجاد حلول للأزمات الإنسانية والسياسية والتصدي لتداعياتها الخطيرة، وخاصة مشكلة لاجئي «الروهينجا» التي أظهرت الوجه القبيح لسياسات الإقصاء والقمع على أسس دينية أو عرقية أو طائفية.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية