غرّد رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، معلقاً على مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط الذي عقد في العاصمة البولندية وارسو بحضور 63 دولة، لبحث التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، كالخطر الإيراني والأوضاع في سوريا واليمن، واستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. علّق قائلاً: «عرس وارسو: هناك خطوبة تمت في السابق وهناك عرس تم في وارسو، والحضور إما (شهود ملكه) أو مدعوون للحفل. أُكرر بأنني لست ضد التطبيع أو ضد فتح علاقة مع إسرائيل، لكن لابد أن تكون العلاقة متكافئة وليست على حساب الحقوق الفلسطينية».
كما استمرت وسائل الإعلام القطرية وأبواقها الإعلامية بممارسة التضليل الإعلامي عبر التباكي على القضية الفلسطينية، فيما انطلق الذباب الإلكتروني ليشن سيلاً من الانتقادات للدول العربية المشاركة في المؤتمر. والطريف أن قناة «الجزيرة» القطرية قالت إن عشر دول عربية تشارك فيه بجانب إسرائيل، قبل أن تعدد 9 فقط مستثنية اسم دولة قطر، رغم سيل الردود الغاضبة والمستهزئة التي انهالت على القناة عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
لقد تناسى عراب الخراب العربي في تعليقه على مؤتمر وارسو تاريخ العلاقات القطرية الإسرائيلية، وأن قطر تصدرت المهرولين إلى إسرائيل عام 1991، وكانت الدوحة أول عاصمة خليجية تمنح إسرائيل مكتباً تجارياً فيها بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز عام 1996، وتم توقيع اتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، ثم إنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب. وعبر السنوات اللاحقة، ورغم تراجع عملية السلام العربية الإسرائيلية وانتهاكات إسرائيل لاتفاقات أوسلو، استمرت قطر في تعزيز علاقاتها بتل أبيب.
ورغم الإعلان عن إغلاق المكتب عقب الضغوط التي فرضتها انتفاضة الأقصى وتوقف عملية السلام، فقد ظل التعاون غير الرسمي قائماً، وفي عام 2003، أعلن وزير خارجية قطر آنذاك حمد بن جاسم، بعد اجتماعه بنظيره الإسرائيلي، أن «قطر يمكن أن تنظر في معاهدة سلام مع إسرائيل إذا كانت تخدم مصالح الدولة الخليجية».
وبدأت قطر تمارس دوراً مزدوجاً بتعزيز علاقاتها مع إسرائيل مقابل طرح نفسها كوسيط في عملية السلام مع الفلسطينيين وفي المصالحة الفلسطينية. فبعد فوز حركة «حماس» بالانتخابات التشريعية الفلسطينية بداية عام 2006 وتشكيلها الحكومة الفلسطينية وسيطرتها على قطاع غزة منتصف 2007، برزت قطر كداعم رئيسي للحركة. وفي 2010 حاولت قطر استعادة العلاقات التجارية مع إسرائيل، وإعادة البعثة الإسرائيلية للدوحة، شريطة السماح لها بإرسال مواد البناء والأموال إلى غزة، الأمر الذي رفضته إسرائيل. وفي 2013، ساهمت قطر في نقل 60 يهودياً من اليمن إلى إسرائيل عبر الدوحة على متن الخطوط الجوية القطرية.
طبعت الانتهازيةُ السلوكَ السياسي لقطر عبر السنوات، فكانت تناور دائماً بين المعسكرات المتنافسة، وتشارك في المفاوضات وتطرح المبادرات بين الحلفاء والفرقاء وتلعب بالمال السياسي، خدمة لأجندتها السياسية لا خدمةً للقضية الفلسطينية، فدعمت بعض الفصائل الفلسطينية على حساب السلطة الفلسطينية، وسعت للحصول على حصة من السلام ونيل مقعد على طاولة التفاوض مع إسرائيل في ظل الرعاية الأميركية، بحثاً عن دور وتأثير.
وعَوداً على بدء؛ سبعة وعشرون عاماً هي تاريخ العلاقات القطرية الإسرائيلية، وما تزال قطر تمارس سياسة التلاعب بالقضية الفلسطينية، وقد تناسى بن جبر في تعليقه أن الدوحة شاركت فعلياً في «عرس وارسو»، وأن سياسة التباكي على القضية الفلسطينية وخداع الرأي العام العربي.. كل ذلك لم يعد مجدياً.