قبل تقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية إلى التاسع من شهر أبريل بدلا من نوفمبر 2019، كان الكثير من المراقبين والديبلوماسيين يرجحون أن تعلن الإدارة الأميركية عن مشروعها للسلام المعروف بـ«صفقة القرن» بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع مطلع العام الميلادي الجديد، غير أن السفير الأميركي في إسرائيل «دافيد فريدمان» أعطى إشارة مغايرة عندما قال منذ أسابيع: إن الإدارة الأميركية لا تريد أن تجري الانتخابات الإسرائيلية وكأنها اقتراع على المشروع.
يوم الأحد الماضي، وأثناء استقباله لجون بولتون مستشار الأمن القومى الأميركي، قال فريدمان بوضوح: إن الإدارة قررت تأجيل نشر تفاصيل الصفقة لعدة أشهر إلى ما بعد انتخابات الكنيست وتشكيل حكومة جديدة.
هكذا أصبحنا نعرف أن الموعد لن يكون قبل منتصف العام الجديد، فماذا عن مضمون الصفقة؟ إننا نحاول التقاط مؤشرات على هذا المضمون من المصادر الأميركية والإسرائيلية والعربية الرسمية بعيداً عن الافتراضات الإعلامية.
نبدأ بالجانب العربي، فمؤخراً تحدث الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القاهرة عن ثلاثة دوائر تواجه القيادة الفلسطينية صعوبات معها، وهي دائرة الإدارة الأميركية، ودائرة الحكومة الإسرائيلية، ودائرة حركة «حماس». وفي حديثه عن الدائرة الأميركية أكد أن الفلسطينيين لن يوافقوا على صفقة القرن التي اعتبر أنها انتهت بالفعل مع الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ومحاولة تصفية قضية اللاجئين، وقال: إنها مخالفة للشرعية الدولية ولن تزيل أو تقوض حقَّنا في القدس، ولن تجعلنا نتنازل عن ثوابتنا القومية. ما فهمته من حديث الرئيس الفلسطيني أن تأجيل الإعلان عن الصفقة راجع إلى أن واضعيها ليس لديهم شيء يرضون به الشعب الفلسطيني وأنه لا طريق لإرضائه إلا بالتراجع عن قرار القدس والإجراءات العقابية التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضد السلطة بسبب قرارها مقاطعة الاتصال بإدارة الرئيس ترامب.
أما من الجانب الإسرائيلي، فقد توفرت معلومات منذ أسبوعين عن الصفقة على لسان أفيجدور ليبرمان وزير الحرب الإسرائيلي عندما اجتمع ببعض الشخصيات الفلسطينية غير الرسمية، وأبلغهم بما يلي عن مضمون صفقة القرن: أولا تعترف الصفقة بوجود الدولة الفلسطينية في غزة وليس في الضفة. ثانياً تمنح الصفقة حق الحكم الذاتي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية في كل المنطقة ألف وفي جزء محدود من المنطقتين باء وجيم. ثالثاً يكون أبناء الضفة رعايا للدولة الفلسطينية في غزة، ويحصلون على جنسيتها وتكون السيادة الفلسطينية في الضفة على السكان وليس على الأرض. رابعاً: يكون الجزء الأكبر من القدس الشرقية خاضعاً للسيادة الإسرائيلية. خامساً: توفير معونات مالية ضخمة من دول العالم لبناء مطار وميناء وبنية تحتية في غزة.
أما آخر ما صدر من الجانب الأميركي، فكان بياناً على لسان نيكي هايلي مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وقد أكدت فيه أن هناك كثيراً من الأمور في المشروع ستعجب الطرفين، فكلاهما سيجد فوائد كثيرة، لكن الفلسطينيين سيستفيدون أكثر وأنهم سيستفيدون من التكنولوجيا ومن تفاصيل لم ترد من قبل.
ما علينا إلا أن ننتظر ستة أشهر لنتبين التفاصيل.