أكملت مركبة الفضاء «نيو هورايزون»، التي تقوم حالياً باستكشاف المنطقة الواسعة لنظامنا الشمسي وراء كوكب نيبتون والمعروف بحزام «كويبر»، رحلة أخرى مثيرة للإعجاب: فقد احتفلت المركبة الأسبوع الماضي باقترابها من جسم يعرف باسم «ألتيما ثولي»، وهو أبعد جسم على الإطلاق زارته مركبة فضائية. ويبعد ألتيما ثولي بمسافة مليار ميل عن كوكب بلوتو، وبأكثر من 4 مليارات ميل عن الأرض، بينما تستغرق الإشارات اللاسلكية أكثر من ست ساعات للانتقال من المركبة الفضائية إلى أجهزة الاستقبال في ناسا. على هذا البعد، تكون الشمس هي مجرد ألمع نجم في الأفق، وتكون درجة الحرارة المحلية سالب 390 درجة فهرنهايت.
وتعد «نيو هورايزون»، التي أعمل عضواً في فريقها العلمي، مثالاً ممتازاً لجوهر الاستكشاف الآلي. فربما لا تستحوذ روبوتات الفضاء على خيال الجمهور بقدر ما يفعل أي شخص يضع قدمه على القمر أو يسافر إلى المريخ، لكنها اليوم تعمل في حدود العلم. ولهذا فهي تستحق لحظة امتنان من جانبنا.
يمكننا تصميم روبوتات للبقاء على قيد الحياة أثناء الرحلات البحرية الطويلة وأقصى درجات الإشعاع والحرارة في الفضاء. ويمكننا إعادة برمجتها وإعادة تحديد هدفها مع توافر فرص استكشاف جديدة. لم يتم استكشاف «ألتيما ثولي» حتى بعد ثماني سنوات من إطلاق مركبة «نيو هورايزون» الفضائية في عام 2006. ولم يبدأ التخطيط الكامل لمقابلة ألتيما ثولي حتى بعد أن تجاوزت نيو هورايزون كوكب بلوتو في عام 2015. وقد سمح اكتشاف ألتيما ثولي لناسا بالاستفادة من مركبة فضاء بحالة جيدة وتعمل في أعماق النظام الشمسي الخارجي. وبعد أن استغرقت تسع سنوات للوصول إلى بلوتو، فأنها أصبحت بمثابة مرصد شديد القدرة في عمق المناطق التي لم تكتشف بعد.
ويمكن للروبوتات أيضاً أن تحمل أدوات توسع بشكل كبير نطاق وقدرات حواسنا. كما يمكن بناء الروبوتات بشكل أسرع وبتكلفة أرخص نسبياً فيما تقدم فرص الاستكشاف نفسها. لقد تم تصميم وبناء واختبار وإطلاق المركبة نيو هواريزون في أقل من أربع سنوات. وبالنسبة لسفينة فضاء، فإن هذا يعد سريعاً جداً لأنه كان مدفوعاً بالحاجة إلى الاستفادة من رحلة سماوية حرة، وفرصة لاستعارة بعض الطاقة من مواجهة كوكب المشتري، الأمر الذي من شأنه تسريع انطلاق نيو هورايزون نحو بلوتو وخفض زمن الرحلة بنحو خمس سنوات.
وبشكل أساسي، فإن الروبوتات والاستكشاف الآلي كله له علاقة باستغلال الفرص. كما أن الذهاب إلى المجهول، والقيام بذلك بسرعة ومن أجل استثمارات متواضعة، واكتشاف بيانات مهمة في مناطق غير مستكشفة، سيكون محفوفاً بالخطر. وتقوم الروبوتات بالاستكشاف المحفوف بالخطر للمناطق الجديدة، تمهيداً للطريق أمام المستكشفين المستقبليين، سواء أكانوا بشراً أم روبوتات أكثر قدرة. إن الاستكشاف البشري والآلي (الروبوتي) متآزران ويعتمدان على بعضهما. وجزء من نجاح بعثات «أبولو» إلى القمر يرجع إلى الاستخدام الذكي للروبوتات الرائدة.
وتواصل المركبة نيو هورايزون مهمتها الاستكشافية. ونظراً للمسافات المذهلة، فإنها ستستغرق نحو عامين آخرين من أجل بث كافة البيانات التي تم جمعها خلال عودة ألتيما ثولي المنتظرة إلى الأرض. وفي غضون ذلك، ستواصل نيو هورايزون استكشاف حافة النظام الشمسي عبر استخدام أدواتها لمراقبة أجسام أخرى في حزام كويبر، والتي هي بعيدة جداً وخافتة جداً، بحيث لا يمكن ملاحظتها من الأرض. وهذه مجرد واحدة من المهام العديدة للروبوتات التي تستكشف الآن نظامنا الشمسي. إن مسبار «إنسايت» الذي وصل إلى المريخ في العام الماضي، يستمع إلى البراكين على المريخ، وتستعد سفينة الفضاء «أوزوريس –أر إي إكس» لأخذ عينة من كوكب صغير، ويقوم مستكشف القمر المداري برسم الخرائط للقمر الخاص بنا، ويقوم مسبار «جونو» بالدوران حول كوكب المشتري.

*أستاذ علم الفلك وعلوم الكواكب في جامعة سنترال فلوريدا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»