تأهب البلد العربي الشمال أفريقي لمواجهة اضطرابات سياسية مرة أخرى في عام 2019. فهناك خلاف علني بين رئيس الوزراء يوسف الشاهد والرئيس الباجي قايد السبسي. ويتعرض «الشاهد»، باعتباره رئيس الائتلاف الحكومي لضغوط متزايدة من اتحادات القطاع العام بشأن الرواتب وبيع الشركات المملوكة للدولة. وهناك جيل جديد من الشباب الذين بلا عمل يثيرون الاحتجاجات، وبعضهم يستلهم احتجاجات «السترات الصفراء»، ويسعى لتشكيل حركة «السترات الحمراء».
ولا شيء من هذا يبشر بخير لاقتصاد تونس. والشاهد يحتاج لبناء قاعد قومية جديدة من جمهور الناخبين قبل ترشيح مرجح لمنصب الرئيس العام المقبل. ولذا، فمن غير المرجح أن يتحمل العقاقير القوية التي يصفها صندوق النقد الدولي في مقابل قرض كبير يبلغ 2.9 مليار دولار. والإصلاحات الكثيرة يعارضها الموظفون المدنيون الذين تشكل رواتبهم نحو نصف الميزانية القومية، ويمثلون قوة تصويت كبيرة.
وأفضل أمل لأي انضباط اقتصادي قد يكون بيد شخص بعيد عن السياسات المضطربة للبلاد، وهو «مروان العباسي» محافظ بنك تونس المركزي. فقد استطاع مسؤول البنك الدولي السابق وأستاذ الاقتصاد الذي عُين في منصبه الحالي في فبراير الماضي فرض سياسة نقدية مشددة. وينسق «العباسي» مع الوزراء كي يلبي شروط صندوق النقد الدولي ويتفاوض مع الجزائر وليبيا ليسمح لتونس بشراء النفط بعملتها المحلية مما يخفف الضغط على احتياطي البلاد من العملة الأجنبية.
وقيد العباسي الإنفاق بتشديد إجراءات الحصول على ائتمان وبزيادة معدلات الفائدة المصرفية الرئيسية من 5% إلى 5.75% في مارس ثم إلى 6.75% في يونيو الماضي. ومنذئذ، قاوم العباسي مطالبات صندوق النقد الدولي بزيادة أكبر في سعر الفائدة وتحدى التوقعات الوخيمة بإبقاء معدل التضخم عند 7.5%. وسمح أيضاً للدينار التونسي بأن يضعف باطراد وفقاً لتوصيات صندوق النقد الدولي. وهذه إنجازات كبيرة بالمعايير التونسية. ويرى فرانسيس غيليس الذي يدرس شمال أفريقيا وغرب المتوسط في مركز برشلونة للشؤون الدولية أن العباسي «قام بعمل جيد جداً في احتواء الأمور». ولدى العباسي عدة نقاط في صالحه، فهو يتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال بفضل قانون صدر عام 2016 يحمي البنك المركزي من ضغط الحكومة، ويعطيه كامل السيطرة على السياسة النقدية. واستفاد أيضا من سمعة اشتهر فيها بالنزاهة الشخصية والكفاءة، وعدم وجود علاقات له بأي حزب سياسي.
بوبي جوش*
*كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»