تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازاتها العالمية في مختلف المجالات ومن بينها البيئة والمحافظة عليها، حيث حققت إنجازاً عالمياً جديداً متمثلاً بتبوئها المركز الأول على المستوى العالمي في مؤشر المناطق البحرية ضمن مؤشر الأداء البيئي للعام الحالي (2018)، بعد أن سجلت النقاط الكاملة في هذا المؤشر. ولا شك في أن هذا الإنجاز الذي يضاف إلى سلسلة طويلة من الإنجازات التي تحققت في هذا العام، ينطوي على أهمية كبيرة وله دلالات متعددة فهو: أولاً، يأتي تتويجاً للجهود التي بذلتها الإمارات في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من أجل الحفاظ على البيئة وحمايتها، وهذا هدف وأولوية في فكر وتوجه القيادة الرشيدة منذ نشأة الدولة، حيث كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من أول المهتمين بموضوع البيئة والمحافظة عليها ليس على مستوى الدولة أو الإقليم، وإنما على مستوى عالمي، لذلك فقد نال جوائز دولية كثيرة في هذا المجال، كما حصل على ألقاب ذات دلالات عميقة منها «بطل الأرض»، وذلك لجهوده في حماية البيئة وتحويل الصحراء القاحلة إلى جنة خضراء، مفعمة بالحياة. وقد سارت القيادة الرشيدة من بعده على النهج نفسه مسترشدة بفكره النيّر ورؤيته الثاقبة في هذا المجال، فالاهتمام بمحميات الأراضي الرطبة في الإمارات، يرجع إلى الغرس الذي تركه الوالد المؤسس الشيخ زايد، رحمه الله، في نفوس وعقول أبناء مجتمع الإمارات بضرورة الحفاظ على البيئة ومصادرها، ما يشكل مصدر إلهام ونبراس يقتدي به الجميع في العديد من المشاريع البيئية الجارية في الدولة.
وثانياً، أن هناك جهوداً كبيرة بُذلت من أجل تحقيق هذا الهدف. فلا شك أن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا الجهود الكبيرة التي بذلتها المؤسسات والجهات المعنية بالبيئة في الدولة، ومن بينها بالطبع وزارة التغير المناخي والبيئة، التي تحرص على مواصلة جهودها للوصول إلى الرقم واحد على المستوى العالمي في المؤشرات الأخرى.
ثالثاً، أن الدولة ومؤسساتها تسير على الطريق الصحيح في إطار سياستها البيئية، التي تؤكد أهمية المحافظة على البيئة الطبيعية الغنية التي تتمتع بها الإمارات وضرورة حماية النظم البيئية الهشة من التوسع الحضري والأنشطة البشرية الأخرى التي قد تلحق الضرر بالبيئة. فتصنيف دولة الإمارات في المرتبة الأولى في مجال المناطق البحرية المحمية ضمن مؤشر الأداء البيئي العالمي للعام الحالي 2018، جاء نتيجة لالتزامها بتوسعة المحميات الطبيعية، حيث ارتفع عدد المحميات الطبيعية التي أُعلنت رسمياً في الإمارات من 19 محمية في عام 2010 إلى 43 في العام المنصرم (2017)، بمساحة إجمالية 18 ألف كيلومتر مربع، تشكل 14.35 بالمئة من مساحة الدولة، 8 منها تعد محميات رطبة منتشرة في أرجاء الإمارات.
وهذا في مجمله ينسجم مع رؤى الدولة للبيئة، ومن بينها الخطة الوطنية للتغيُّر المناخي 2017-2050، التي تطمح إلى دعم جهود الدولة القائمة في مجال التغير المناخي، ضمن جدول زمني للعمل يمتد حتى عام 2050، مع التوجُّه إلى تحقيق إنجازات سريعة حتى عام 2020 تماشياً مع رؤية الإمارات 2021 واستراتيجيتها الوطنية للتنمية الخضراء (2015-2030)، والتزاماتها الدولية بعد عام 2020. وهذا كله يؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها رؤية واعية وعين ثاقبة في نظرتها إلى الأمام، والسمة الأساسية في هذه الرؤية هي أن الاهتمام بالبيئة ورعايتها متطلَّبان لا غنى عنهما في المستقبل ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
 ــ ـ ـ
عن نشرة "أخبار الساعة"  الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.