على بُعد ساعات من بداية العام الميلادي الجديد بدا التساؤل مبكراً عن الانتخابات الأميركية الرئاسية 2020، وعن حظوظ «الجمهوريين» في الفوز بها مرة ثانية، أو خسارتهم لصالح «الديمقراطيين»، وفي حين يبقى التساؤل الأكثر إثارة موصول بالرئيس ترامب، وهل سيوفي له الحظ مرة جديدة، أم سيخلفه ويبدله «الجمهوريون» بمرشح آخر، إن لم يفقد حزبه مقعد الرئاسة بالمطلق. من أين يمكن للمرء توصيف المشهد الانتخابي الرئاسي الأميركي القادم؟ أكثر الأحداث إثارة في الأيام الأخيرة من عام 2018 تمثل في مطالبة السيناتور «الجمهوري» جيف فليك، مندوب ولاية أريزونا للحزب «الجمهوري» بإجراء انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحه للاستحقاق الرئاسي المقبل، وذلك خلافاً لأكتوبر الماضي عن نيته الترشح لولاية ثانية، فقد اجاب ردا على سؤال لشبكة «فوكس بيزنس» في هذا الشان بالقول:«نعم..مائة بالمائة».
لماذا يبحث بعض من "الجمهوريين" إذن عن مرشح رئاسي جديد؟ يمكن القطع بأن هناك خلافات جذرية داخل الحزب «الجمهوري» من جراء سياسات الرئيس ترامب والتي تأتي عادة صادمة، وقد كان آخرها القرار الخاص بسحب القوات الأميركية من سوريا، الامر الذي دعا كل من السيناتوران ليندسي غراهام ومارك روبيو، لادانة القرار بشكل مباشر، واعتباره يصب في مصلحة اعداء أميركا، ويعد تخلياً واضحاً وفاضحاً عن حلفائها في الخليج العربي والشرق الأوسط.
هناك انتقادات أخرى موجهة لترامب من داخل حزبه بسبب قراره إرسال آلاف من الجنود الأميركيين إلى الحدود مع المكسيك بحجة التصدي لقافلة مهاجرين متوجهين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة... هل من وجوه «جمهورية» بعينها يمكنها أن تحظى بالترشح للرئاسة؟
واقع الحال يشير بالفعل إلى اسمين: الأول السيناتور عن ولاية نبراسكا «بن ساسي»، وحاكم ولاية أوهايو «جون كايسك» المرشح الخاسر في الانتخابات التمهيدية الأخيرة للحزب.
يستشعر ترامب ول اشك الخطر القادم واحتمالات خسارته لترشيح «الجمهوريين» له، ولهذا يعزى الكثير من المتابعين والمراقبين للشأن الأميركي التغيرات الأخيرة في إدارته كإقالة وزير العدل، وتغيير وزير الأمن الداخلي، والطريقة التي رحل بها أخيراً «جيمس ماتيس» وزير الدفاع، بأنها خطوات في طريق تحسين صورته وإدارته من خلفه في عيون الأميركيين عامة، و«الجمهوريين» بنوع خاص.
والمؤكد أننا إذا ارتحلنا إلى الحزب «الديمقراطي»، فإن المشهد حقاً أكثر مدعاة للعجب سيما إذا عرفنا أن المرشحة السابقة للرئاسة في انتخابات 2016 «هيلاري كلينتون» ربما تفكر بجدية في خوض غمار السباق الانتخابي ثانية.
في أواخر شهر أكتوبر الماضي، وخلال مقابلة لها مع موقع ‏Recode ?الإخباري ?الأميركي، ?أشارت ?هيلاري ?إلى ?إمكانية ?ترشحها ?مرة ?أخرى ?في ?انتخابات ?2020، ?وقالت ?:«?أتمنى ?أن ?أكون ?رئيساً ?للولايات ?المتحدة، لديّ ?الكثير ?من ?الخطط ?أود ?إنجازها، ?وآمل ?أن ?يكون ?الرئيس ?القادم ?من ?الحزب ?الديمقراطي»?... ?هل ?لهيلاري ?حظوظ ?حقيقية ?في ?ترشيح ?الحزب ?«الديمقراطي» ?لها ?بداية ?الأمر، ?وقبل ?التساؤل ?عن ?إمكانية ?هزيمتها ?لترامب ?إن ?بقي ?هو ?بالفعل ?مرشح ?الحزب ?«الجمهوري»؟ المؤكد أن هيلاري أبلت بلاءً حسناً جداً بالنسبة لأصوات الأميركيين في انتخابات 2016، فقد حصلت على 65 مليوناً و845 ألف صوت، وهو رقم أكبر مما حصده ترامب بنحو مليوني و800 ألف صوت، وإن كان الأخير فاز بأصوات ما يعرف بالمجمع الانتخابي، حيث حصل على دعم 304 مندوبين من أصل 538 مندوباً، وهو ما قاده إلى داخل البيت الأبيض.
في هذا السياق يمكن بالفعل لهيلاري أن تعيد الكرة، لكن يبدو في الأفق وجود إشكالية تتعلق بالأوضاع المالية للمؤسسة الخيرية الخاصة بها وبزوجها «بيل كلينتون»، وحال تفجر أزمة أخلاقية وقضائية حول مسارات حسابات هذه الجمعية، فإن هيلاري حكماً ستتخلى طوعاً أو كُرها عن أحاديث الترشح للبيت الأبيض من جديد. في الداخل «الديمقراطي» كذلك هناك وجه آخر دارت من حوله الانباء ولا يزال يأمل في أن يقارع ترامب، ونعني به المرشح «الديمقراطي» السابق «بيرني ساندرز»، والذي صرح مؤخراً لمجلة «نيويورك ما جازين» بأنه يعتزم الترشح للرئاسة في العالم 2020 في حال شعر بأنه المرشح الأفضل، للتغلب على «الجمهوري» دونالد ترامب.
غير أن عاملين هما العمر حيث سيبلغ ثمانين عاماً وقت الانتخابات الرئاسية، والهوية الدينية اليهودية، ربما يحولا من دون تحقيق حلمه البعيد.
هل هزيمة «الجمهوريين» مؤكدة بعد فوز «الديمقراطيين» بمجلس النواب؟ من قبل خسر كلينتون وأوباما في انتخابات التجديد النصفي، ولكن أعيد انتخابهما لاحقاً، ما يعني أن فرص ترامب تبقى قوية... هل من خلاصة؟ نعم لقد بدا الحديث مبكراً عن انتخابات الرئاسة 2020، لكن المقطوع به أن رؤية واضحة على الجانبين لا تزال بعيدة، إلا أنه في كل الأحوال ستكون 2019 هي سنة صناعة رئيس أميركا القادم.
*كاتب مصري