تمثل اللغة وعاءً للفكر وأداةً للتفكير، وهي أيضاً وسيلة للتفاهم والتواصل الاجتماعي، تعطي مجتمع المتحدثين بها اسمه وشخصيته وهويته، كما تشير مكانتها بين لغات العالم إلى حجم إسهامها الاقتصادي والتكنولوجي والثقافي والأمني والسياسي والاجتماعي والحضاري.. على مستوى العالم.
لذلك فاللغة، عدا عن كونها أداة للتواصل ونقل الأفكار وتبادل المعلومات، وحفظ الموروثات الثقافية على مر الزمن ونقلها من جيل إلى آخر.. فهي كذلك حافز للتطوير الفكري والعلمي بين النخب الناطقة بها، ما يعود على اللغة ذاتها بالنفع والتطور والازدهار.
ولا شك في أن قوة اللغة وحيويتها تكمن في قوة وحيوية أهلها والمتحدثين بها. ووفقاً للفيلسوف الألماني «فخته»، فإن اللغة تؤثر في الشعب الذي يتحدث بها تأثيراً لا حدود له، يشمل التفكير والإرادة والعواطف والتصورات، وصولاً إلى أعمق أعماق الذات الفردية والجماعية.
وانطلاقاً من أهمية اللغة بالنسبة للشخصية الوطنية ومن الوعي بضرورة إيلائها ما تستحقه من عناية واهتمام، فقد سعدنا جميعاً بالميثاق الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في اليوم العالمي للغة العربية، ليكون هذا الميثاق خريطة طريق لجميع السياسات ذات الصلة باللغة العربية وحمايتها وتعزيز دورها في مجالات الحياة العربية المختلفة.
وقد اشتمل ميثاق اللغة العربية على نقاط في غاية الأهمية:
1- تشكيل لجنة من الخبراء تهدف إلى إعادة إحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة وتحديث أساليب تعليمها.
2- تنظيم مسابقات مدرسية في المدارس الحكومية والخاصة تهدف لإبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية.
3- تأسيس معهد لتعليم اللغة العربية المتخصصة حول العالم، من خلال إيفاد الطلاب والبعثات لتعليم اللغة العربية في الإمارات.
4- إنشاء كلية للترجمة ضمن كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأميركية بدبي.
وإلى ذلك، سوف يقدم معجم محمد بن راشد المعاصر وجائزته السنوية وقاموسه اللغوي، وجائزة «الإلسكو» بالشارقة للدراسات اللغوية، والمعجم التاريخي للغة العربية، حافزاً قوياً لتعزيز اللغة العربية.
وتأتي الأجندة الوطنية لتكمل تطبيق هذه الخطة على أرض الواقع، إذ تتضمن الآتي:
1- تأصيل عملية التعلم والتعليم.
2- تفعيل دور اللغة العربية في وسائل الإعلام.
3- إثراء اللغة العربية بالإنتاج الفكري والأبحاث العلمية.
4- ترجمة الأعمال العربية إلى اللغات العالمية ونقل العلوم والمعارف من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية.
5- الحفاظ على التراث الشعري والأدبي واللغوي.
6- نشر اللغة العربية بين غير الناطقين بها.
إن حال اللغة العربية في مرحلتنا الحالية وحال أهلها والناطقين بها، في مختلف مجالات الحياة، كما يؤكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس مجمع اللغة العربية بالشارقة.. يتطلب بذل مزيد من الجهود في دعم اللغة العربية وتعزيز الهوية العربية بين أبنائها.
واللغة العربية، كما تقول معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة حسب نورة الكعبي، هي إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وهي من المكونات الرئيسة لثقافتنا وهويتنا، ولديها كل المقومات لتكون حاملاً رئيساً نحو المستقبل. فكل المجتمعات المتقدمة في العالم تسعى إلى الحفاظ على لغتها وتمكينها وتعزيز حضورها.
وإلى ذلك، فإنه ما من دولة حققت نهضتها الصناعية والتقنية إلا بالاعتماد على لغتها الوطنية كأساس للتطور في كل المجالات، وعلى رأسها مجال التعليم والبحث العلمي.