منذ شهر ونصف عارض نتنياهو زملاءَه في الائتلاف الحكومي، رافضاً مطلبهم بإجراء انتخابات مبكرة بعد استقالة وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان، غير أنه قاد بنفسه يوم الاثنين الماضي زعماء الأحزاب المشاركة في حكومته ليتخذوا قرار حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة في التاسع من أبريل 3019 بدلاً من موعدها الأصلي في شهر نوفمبر المقبل.
وعندما سأل الصحفيون نتنياهو عن معنى هذا التضارب في مواقفه، أجاب بأنه عندما دعا شركاء الائتلاف إلى التحلي بالمسؤولية وعدم حل الكنيست منذ شهر ونصف الشهر بسبب الظروف الأمنية الحساسة، كانت إسرائيل قد اكتشفت خطر الأنفاق التي حفرها «حزب الله» ليتمكن من الدخول إلى منطقة الجليل شمال إسرائيل لتنفيذ عمليات قتل بالمدن الإسرائيلية، وكان الجيش قد وضع خطة لمواجهة هذا الخطر وتدميره. وأضاف نتنياهو قائلاً: "في ذلك الوقت كان مستحيلاً أن أتحدث عن طبيعة هذا الخطر الأمني إلى أن يتمكن الجيش من إزالته، أما اليوم فقد أصبحتم جميعاً تعرفون هذا الخطر الذي نجحنا في التخلص منه، وبالتالي اختلفت الظروف الأمنية اليوم".
لم يكتف الصحفيون الإسرائيليون بهذه الإجابة، فسأل أحدهم نتنياهو قائلاً: ولكنك عندما دعوت شريكك «نفتالي بينت» زعيم «حزب البيت اليهودي» إلى التحلي بالمسؤولية وعدم التبكير بموعد الانتخابات، حذّرته بقولك لا تكرروا خطأ الأحزاب اليمينية عام 1992 عندما حلت حكومتها ودعت إلى انتخابات مبكرة، وهو ما أدى إلى كارثة فوز حزب العمل بقيادة رابين.. فماذا تقول الآن بينما لا يزال خطر هذا الاحتمال قائماً؟ هنا أجاب نتنياهو بقوله: إن هذا الأمر متروك للجمهور الإسرائيلي ليتخذ قراره وهو يرى الإنجازات العظيمة التي حققتها حكومتي في مجال الأمن للإسرائيليين وفي مجال التقدم الاقتصادي وردم الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وأضاف: إن الجمهور الإسرائيلي يرى بعينيه الوضع غير المستقر الذي تعيشه دول قريبة من إسرائيل ويسافر إلى الخارج ويمكنه المقارنة بين ما يراه من تقدم في إسرائيل وما يراه خارجها.
إذا بحثنا عن دوافع نتنياهو سنجد أن الدافع السياسي المباشر الذي استخدمه لتبكير الانتخابات هو مشروع قانون تجنيد المتدينين الحريديم الذي اقترحه الجيش لضمان المساواة في الخدمة العسكرية بين المتدينين والعلمانيين. فقد تمت الموافقة على هذا القانون منذ أشهر عدة في الكنيست بالقراءة الأولى، وهو ما أغضب حزب «يهدوت هتوراة» الحريدى الشريك في الحكومة، والذي هدد بالاستقالة منها. لقد استطاع نتنياهو تهدئة الحزب الحريدي مؤقتاً بإبطاء عملية تمرير القانون، لكن المحكمة العليا ألزمت الحكومة والكنيست بضرورة التصويت على القانون وإصداره قبل نهاية شهر يناير المقبل. لقد وجد نتنياهو أن الأفضل له أن يأخذ بنفسه مبادرة حل الحكومة والبرلمان ليؤجل أزمة القانون للكنيست الجديد بدلاً من أن يفرض عليه حزب «يهدوت هتوراه» هذا الحل إذا ما مر القانون في يناير.
أما الدافع الشخصي فهو أن نتنياهو قد وجد في هذا الحل مخرجاً من احتمال صدور قرار من المدعى العام حول اتهامات الفساد الموجهة إليه، ورأى أن التوجه للانتخابات سيؤدي إلى تأجيل قرار النائب العام إلى ما بعد الانتخابات، آملاً في أن يخرج منها فائزاً مع وضع جديد.