نصح الكاتب الإنجليزي الكبير جورج برناردشو ذات يوم قائلاً: «لا تصارع من لا تناسبك مصارعته». لكن نانسي بيلوسي الرئيسة الديمقراطية المقبلة لمجلس النواب، وتشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، نسيا هذه النصيحة. وربما يندمان على تجاهل هذه الحكمة في سياق تعاملهما مع إغلاق الحكومة. فقد بدا الانتصار على شومر وبيلوسي بعد اجتماعهما مع الرئيس ترامب هذا الشهر في المكتب البيضاوي، وشعرا بالسعادة، لأن الرئيس أكد مسؤوليته عن إغلاق الحكومة.
لكن كل يوم يمر مع إغلاق الحكومة واستمرار أنباء هذا الإغلاق في قنوات الأنباء يمثل تشتيتاً للانتباه بعيداً عن قدرة بيلوسي وشومر على خلق انطباع أفضل، ليس فقط لدى الأشخاص الذين يسيطرون بشكل متزايد على الحزب ويعززون طاقته ممن يعارضون الجدار الحدودي، بل أيضاً لدى أشخاص أكثر «تساهلاً»، ولدى الناخبين المتأرجحين في الضواحي والريف الأميركي. فالدعم المتواصل لهؤلاء الناخبين بعد انتخابات التجديد النصفي ضروري للفوز بالبيت الأبيض وربما مجلس الشيوخ عام 2020. وبدلاً من الاضطلاع بمهمتهما في العام الجديد بوضع قائمة أولويات قوية في الرعاية الصحية وإلقاء الضوء على ممارسات إدارة ترامب، وجد بيلوسي وشومر نفسيهما في مواجهة رئيس يستمتع بها فيما يبدو ليشتت الانتباه عن موقفه السياسي الذي يتزايد حرجاً.
وعلينا ألا ننكر أن ترامب كان ماهراً؛ فهو لم يصر فقط على تمويل جداره الحدودي لإرضاء قاعدته الانتخابية، بل قام بهذا ليحاصر الديمقراطيين في نطاق قاعدتهم الانتخابية.
واستدرج الرئيس الزعيمان الديمقراطيان إلى منطقة زلقة للغاية، معتمداً على أنه ليس لديه ما يخسره. وعلى كل حال، يدعي ترامب أنه يخوض المعركة على أساس مبدأ شعبي وهو حماية الأميركيين من الهجرة غير الشرعية. فما الذي يستطيع بيلوسي وشومر الاحتجاج به؟ قد لا يكتسب ترامب قوة من معركته هذه، لكنه يريد فحسب أن يبدو خصومَه مثله، وربما نجح في هذا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»