بعد ثمانية أعوام على اندلاع أحداث ما يُسمّى بـ«الربيع العربي»، يبدو الآن أن التونسيين والمصريين مستائين بشدة من الأوضاع في بلادهما. وعندما سئلوا حول ما إذا كانت بلادهما تسير في الاتجاه الصحيح أم الاتجاه الخاطئ، أجاب واحد من كل خمسة تونسيين ومصريين قائلين: «في الاتجاه الصحيح». غير أن الجدير بالملاحظة أنه في استطلاع رأي آخر أجراه مركز «زغبي للأبحاث»، وجدنا ارتباطاً قوياً بين أولئك الذين يرون أن البلاد تسير في «اتجاه خاطئ» وأفراد يظهرون تعاطفاً مع الحركات المتطرفة. وهذه فقط إحدى نتائج استطلاع شامل للرأي أجراه «مركز زغبي للأبحاث»، في سبتمبر الماضي وشمل 8 دول عربية إضافة إلى تركيا وإيران.
وتم إجراء الاستطلاع من أجل منتدى «صير بني ياس» الذي يعقد سنوياً في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى رغم من أنني سأفصح في مقالات لاحقة عن نتائج أخرى مهمة من الاستطلاع، فإن استياء بعض التونسيين والمصريين كانت له دلالة خاصة، فعندما سئل المستطلعة آراؤهم عن شعورهم حول ما إذا كانوا أفضل أم أسوأ حالاً مقارنة بما كانوا عليه قبل خمسة أعوام مضت، أكد 21 في المئة فقط من التونسيين و20 في المئة من المصريين أنهم «أفضل حالاً»، في حين أن 59 في المئة من التونسيين و64 في المئة من المصريين زعموا أنهم في «حال أسوأ». ومن المهم الإشارة إلى أنه عندما أجرينا استطلاعاً للرأي في كلتا الدولتين قبل خمسة أعوام، أعرب 94 في المئة من التونسيين و85 في المئة من المصريين عن «أملهم في أن تمضي بلادهما في الاتجاه الصحيح» بعد أن نجحت الثورتان في الإطاحة بالنظامين الحاكمين آنذاك.
وخلال الأعوام القليلة التالية، أصبحت المواقف في تونس أكثر «هدوءاً». لكن التغييرات في الحالة المزاجية في مصر أضحت أكثر تذبذباً.
وبحلول مايو 2013، كان 36 في المئة فقط من المصريين يشعرون بالأمل في التحسن، لكن بعد ثورة 30 يونيو 2013، ارتفع عدد من أعربوا عن تفاؤلهم بأن بلدهم يمضي في الاتجاه الصحيح إلى 68 في المئة. وإن كانت النسبة تراجعت بحلول نهاية 2014 إلى 41 في المئة فقط.
والمشكلات التي تواجه كلا البلدين جوهرية، فعندما طلبنا من المشاركين في استطلاع الرأي ترتيب القضايا التي تشكل أهمية بالنسبة لهم، رغم الاختلاف في درجة الأهمية، إلا أن الاهتمامات المشتركة التي تصدرت الأولويات بين التونسيين والمصريين كانت: زيادة فرص العمل، وإنهاء الفساد والمحسوبية، وتحسين نظام التعليم وإجراء إصلاحات سياسية وحكومية.
بيد أن من أهم التحديات التي تواجه القيادة في كلا البلدين: الحاجة إلى توفير فرص العمل وإجراء حوكمة من أجل زيادة الثقة والفرص أمام المواطنين.
وعلى رغم من أن الحكومات التي حلت محل تنظيم «الإخوان الإرهابي» أعادت الأمل بصورة مبدئية، لكن في ظل الوضع الراهن، هناك مزيج من الحذر والتفاؤل بدلاً من الأمل الجامح!
وبعد ثمانية أعوام على الاضطرابات التي عصفت بكلتا الدولتين فيما عُرف باسم «الربيع العربي»، لا يزال المجتمعان التونسي والمصري يكافحان من أجل تحقيق التطلعات وتوفير الاحتياجات.
وأثق تمام الثقة في أن هناك من سيعترضون على نتائج ذلك الاستطلاع، فهذه هي الحال دوماً عندما لا يرغب الناس في سماع «أنباء سيئة». لكن نتائج استطلاعنا الذي شارك فيه 1036 مصرياً و841 تونسياً تشير إلى وجود مشكلات حقيقةً، ولا ينبغي تجاهلها.