يشكل العمل الإنساني بكل ما يتضمنه من معاني الإحسان وفعل الخير، محوراً مهماً في السياسة الخارجية الإماراتية، فضلاً عن كونه مكوناً أصيلاً من مكونات الشخصية الإماراتية التي عُرفت بحب الخير ومد يد العون للمحتاج، ولهذا لا يُستغرب أن تكون دولة الإمارات في قائمة الدول التي استجابت للنداءات الإنسانية العاجلة التي وجهتها الأمم المتحدة لمساعدة المنكوبين في العالم خلال العام 2018. فدولة الإمارات التي تتمسك بالقيم النبيلة والمبادئ السامية التي أسس لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أدرجت العمل الإنساني في صميم استراتيجيتها الرسمية منذ سنوات. فأنشأت العديد من الهيئات والمؤسسات والجهات الرسمية وغير الرسمية للتفرغ للعمل الإنساني، فصار الهلال الأحمر الإماراتي و«خليفة الإنسانية» وغيرهما من الهيئات الخيرية حاضرة في معظم النزاعات والحروب والأماكن التي تشهد الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، للمشاركة في جهود الإنقاذ وتوزيع المعونات للتخفيف من معاناة المنكوبين.
وبالحديث بلغة الأرقام والإحصائيات الواردة في التقارير الدولية، أثبتت دولة الإمارات أنها من أكثر دول العالم عطاءً على صعيد العمل الإنساني، حيث وصلت قوافلها الخيرية خلال العام الجاري إلى مناطق نائية داخل اليمن والسودان والهند وإندونيسيا وأفغانستان وباكستان وغيرها الكثير. كما كانت من أكثر الدول التي منحت الأموال لبرنامج الغذاء العالمي، وصندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وقد حظيت تلك الجهود بإشادات دولية كان آخرها ما ورد في «تغريدة» فريق التواصل بوزارة الخارجية الأميركية على موقع «تويتر»، والتي جاء فيها أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ودول عربية وغربية أخرى مليارات الدولارات لدعم خطة الاستجابة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن. وذلك مقارنةً بدول أخرى كإيران التي لم تقدم لليمنيين سوى الصواريخ والأسلحة والعتاد، وهو ما أسهم في إطالة أمد الصراع وعرَّض الشعب اليمني لأسوأ معاناة إنسانية. وهو اعتراف يعكس الموقف الدولي الإيجابي من الدور الذي لعبته قوات التحالف العربي في توفير المساعدات للشعب اليمني الشقيق، وخاصة دولة الإمارات والسعودية اللتين استجابتا للمناشدات التي وجهتها الأمم المتحدة للمجتمع الدولي بتقديم ما يقرب من نصف المبلغ الذي حددته من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية لليمن في العام الجاري 2018.
من جهة أخرى قدمت دولة الإمارات مساعدات كبيرة إلى اليمن الشقيق بصفة منفردة خلال عام 2018 شملت ملايين الدولارات لتغطية الجوانب الإغاثية والإيوائية والاقتصادية والتنموية، فحصلت بذلك على المركز الأول عالمياً بصفتها أكبر دولة مانحة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للشعب اليمني، حسب تقرير أصدرته خدمة التتبع المالي «FTS»، لتوثيق المساعدات في حالات الطوارئ الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في الفترة بين شهري يناير وسبتمبر 2018. فقد قدمت دولة الإمارات لليمن منذ بداية 2018 وحتى شهر سبتمبر مبلغاً وصل إلى 3.75 مليار درهم إماراتي، من ضمنه 1.71 مليار درهم استجابة لخطة الأمم المتحدة الإنسانية لليمن، و815.8 مليون درهم مساعدات إنسانية مباشرة. فيما بلغ حجم المساعدات الإماراتية المقدمة للشعب اليمني منذ أبريل 2015 وحتى أغسطس 2018 نحو 13.96 مليار درهم، لتمثل مساعدات دولة الإمارات الموجهة لليمن 34.5 في المئة من إجمالي المساعدات العامة.
إن هذه الجهود وغيرها تجعل دولة الإمارات رائدة للعطاء والإنسانية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بوجه عام، محافِظةً بذلك على استمرار إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لأبناء الوطن.
*عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.