في عددها الصادر يوم 5 نوفمبر الماضي، نشرت مجلة «روز اليوسف» ملفاً خاصاً عن السلاح البيولوجي وخطورة استخدامه في الحروب القادمة، خاصة بعد تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن جيوش المستقبل ستحتاج إلى أسلحة تعتمد على الجينات وما يعرف بعلم «النفسية الفيزيائية».
وعلى مدى العقود الماضية أصيب الكثير من الناس بأمراض عديدة غامضة وخطيرة نتيجة الأضرار التي تنتج عن استخدام مثل هذا السلاح.
ومن جانبها نشرت «مجلة العلوم» اتهام رئيس منتدى السياسة العلمية لوكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية الأميركية بسوء استخدامها المشروع البيولوجي الحالي الذي يقوم بتعديل الجينات الوراثية لبعض الحشرات، بغرض نشر بعض الفيروسات لأجل صنع أسلحة بيولوجية، وأوضحت المجلة أن وزارة الدفاع الأميركية اكتشفت تقنيات جديدة يمكن تحويلها إلى أسلحة بيولوجية خطيرة وغير قانونية يطلق عليها اسم «الحشرات الحلفاء». ويتم إطلاق أساطيل من الحشرات المعدلة وراثياً على النباتات والمحاصيل الزراعية، فتصيبها بفيروس خاص يقوم بتعديل النباتات وراثياً وهي في مكانها.
والخطورة في هذه التقنية أن الفيروسات بعد نشرها تستحيل السيطرة عليها مجدداً.
وتنقل المجلة عن الصحفية البلغارية «ديليانا»، المهتمة بملف الأسلحة البيولوجية، قولها إن الجيش الأميركي استخدم هذه الأسلحة في حروبه، وإن هناك مئات الآلاف من الأشخاص أصيبوا بفيروساته، وإن التجارب التي أجريت على هذه الأسلحة تمت في دول أخرى مثل العراق وأفغانستان وباكستان وأذربيجان وأوزبكستان.. إلخ.
وذلك ما دفع روسيا في حربها الباردة مع أميركا إلى أخذ نفس الطريق، حيث أنفق الاتحاد السوفييتي مبالغ طائلة من أجل تطوير أسلحة تعتمد على 11 نوعاً من الجينات المسببة للأمراض مثل: الانتراكس، والجدري، والطاعون، وغير ذلك من الأمراض. وقد اعترف وزير الدفاع الروسي بهذه الحقيقة عندما قال إن وزارة الدفاع الروسية تقوم بتطوير أسلحة تعتمد على الفيروسات والإشعاعات والموجات الجيوفيزيائية والجينات، وإنها تطور أنواعاً مبتكرة من الأسلحة لمواجهة التكنولوجيا الغربية.
ولعل ذلك ما دفع خبير الأسلحة البيولوجية البروفيسور «ريموند ديلينكساس» إلى إصدار كتاب بعنوان «الأمن البيولوجي في روسيا»، اتهم فيه الحكومة الروسية باستخدام الفيروسات في برنامجها البيولوجي بحجة الدفاع عن النفس.
وكما تقول المجلة فإن إسرائيل هي الأخرى استخدمت السلاح البيولوجي ضد القرى الفلسطينية منذ عام 1948، حيث كان سلاحها في هذه المعركة الفيروسات والبكتيريا المسببة للأمراض، وقد تم تشكيل وحدة للحرب البيولوجية داخل فيلق العلوم في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكانت قد أسست في عام 1952 «المعهد الإسرائيلي للبحوث البيولوجية»، والذي استقطب 150 عالماً في مجالات علوم الأحياء والكيمياء الحيوية والعضوية والفيزيائية والصيدلة والرياضيات والفيزياء، وركز المعهد أنشطته منذ الخمسينيات على الأمراض المعروفة مثل: «داء الكلب، والطاعون الرملي، والتيفوس»، ودرس كيفية نقل الأمراض باستخدام الحشرات مثل الصراصير والبعوض والبراغيث وغيرها. وبشهادة العديد من العلماء، فإن إسرائيل تقوم بتطوير «قنبلة عرقية» منذ تسعينيات القرن الماضي، وهي سلاح بيولوجي يهدف إلى إلحاق الأذى أساساً بالبشر من أصل عرقي وتراكيب جينية محددة، لذلك ليس غريباً أن تنتشر أمراض غريبة وغامضة وخطيرة مثل انفلونزا الطيور والجمرة الخبيثة وارتفاع حالات الإصابة بالأورام السرطانية، وغيرها من الأمراض الغامضة الكثيرة.. فهل العالم العربي مستعد لمواجهة مثل هذه الحروب البيولوجية التي تهدد أمنه الصحي القومي؟

*كاتب إماراتي