مجموعة الأميركيين الـ25 كانت متنوعة وتتراوح بين شاب في التاسعة عشرة مهتم بصناعة الأفلام، وإطفائي سابق، ومتقاعد حديث. كانوا هناك في موسكو في أوائل سبتمبر الماضي، حيث عقدوا اجتماعات مع أعيان وشخصيات بارزة مثل الأسطورة الإعلامية فلاديمير بوزنر، وحتى الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف.
والأهم بالقدر نفسه، أو ربما أكثر، هو أنهم سافروا عبر روسيا لقرابة أسبوع وتحدثوا مع طلبة جامعيين، ورجال شركات، وغيرهم من المواطنين العاديين الآخرين. كانت تلك محاولة لجسر الهوة وتبديد حالات سوء الفهم بين الأميركيين والروس، عبر جمعهم معاً من أجل حوارات على مستوى القواعد الشعبية. والشخص الذي يعود إليه الفضل الأكبر في جعل هذا الأمر ممكناً هو شارون تينيسون، وهي أميركية تعتقد أن السلام مسألة أهم من أن تُترك للسياسيين.
الرحلة التي تمت في سبتمبر لم تكن الأولى التي تنظّمها تينيسون. فقد أنشأت برامج تبادل مع الروس منذ عام 1983، عندما كان خطاب الحرب الباردة حاداً وتهديدَ محرقة نووية يبدو حقيقياً للغاية.
«إننا نهدف إلى تقليص المعلومات المغلوطة، وزيادة النوايا الحسنة، وبناء مستقبل أكثر استدامة»، تقول تينيسون، التي أسست «مركز المبادرات المواطنة»، وهو منظمة غير ربحية، سعياً لدعم هذه الأنشطة.
قبل خمس وثلاثين سنة، عندما شكّلت تينيسون مجموعة من 20 أميركياً عادياً وسافرت بهم إلى الاتحاد السوفييتي، كان هذا النوع من الاتصال شيئاً غير مسبوق. لكنهم مضوا قدماً ونزلوا إلى الشوارع يستوقفون الأشخاص الذين يلتقونهم ويحاولون بدء حوارات معهم. وبعد نقاش حاد في الكرملين، قررت السلطات الروسية على ما يبدو السماح بذلك.
وفي السنوات التالية، جلبت تينيسون مئات الأميركيين إلى الاتحاد السوفييتي، كما جلبت مجموعات كبيرة من السوفييت إلى الولايات المتحدة. ولاحقاً، تحولت قطرات النوايا الحسنة التي بدأتها إلى فيض ساهم في إنهاء الحرب الباردة.
وعقب انهيار الاتحاد السوفييتي، حوّلت تينيسون جهودها نحو جلب رواد الأعمال الروس المبتدئين إلى الولايات المتحدة للتعلم من نظرائهم الأميركيين. ودعمت الحكومة الأميركية المبادرة بملايين الدولارات. وعندما نفد ذلك التمويل، جعلت تينيسون المبادرة مكتفية ذاتياً من خلال التركيز على استخدام المتطوعين وإيواء الزوار لدى أسر مضيفة.
لكن عقب أزمة 2008 المالية، اضطرت تينيسون لإغلاق المشروع برمته. وتقول إنها حزنت لذلك كثيراً وكانت تعتقد أن كل شيء قد انتهى.
ثم اندلعت الأزمة الحالية في 2014، عندما قامت روسيا بضم القرم، حيث تقول تينيسون إنها تشعر بأنها عاشت هذه الأجواء من قبل. فالخطاب الرسمي على الجانبين بات أكثر حدة مما كان عليه في أوج الحرب الباردة، كما تقول. ثم إن خطر الحرب النووية الذي دفعها للتحرك أول مرة ما زال موجوداً، كامناً تحت السطح، بينما تخوض الولايات المتحدة وروسيا مناورات ضد بعضهما البعض في سوريا وأوكرانيا وفي البلطيق.
«عندئذ قلتُ لنفسي: لا يمكن أن أبقى مكتوفة اليدين»، تقول تينيسون، مضيفة: «إن عودة المواجهة على هذا النحو تجعلني خائفة وغاضبة.. لهذا، ينبغي أن آخذ مزيداً من الأميركيين إلى روسيا، ومزيداً من الروس إلى أميركا».
وهكذا شرعت تينيسون في تنظيم مجموعات باستخدام النموذج الذي بدأته قبل ثلاثة عقود ونصف العقد. ولكن هذه المرة لديها أصدقاء كثر في روسيا من أجل تقديم المساعدة، كما تجد باباً مفتوحاً من جانب الرئيس بوتين، والذي تقول عنه: «كنتُ أعلم أنه لن يكون خصماً سهلا للغرب، لكني أعتقد أنه يدرك الأخطار القائمة، وأنا متيقنة بأنه يريد السلام».

*صحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»