تثبت دولة الإمارات العربية المتحدة كل يوم جدارتها بتصدر العديد من دول العالم بقوانينها وإجراءاتها الرامية إلى الاهتمام بالإنسان كقيمة، بصرف النظر عن مستوى مردوديته والدور الذي يلعبه في المجتمع، وهو ما يعكس مستوى الرقي الإنساني في التعامل مع الموارد البشرية من حيث المبدأ، فضلاً عن امتلاك القيادة الرشيدة للدولة رؤية عميقة للتعامل مع المستقبل انطلاقاً من الإنجاز الرائد في الواقع، فمن خلال تتبع القرارات والقوانين التي اعتمدتها دولة الإمارات وتبنتها خلال العقود الأخيرة يتضح لنا مدى انسجام سياستها العامة في النهوض بالإنسان مع قراراتها وأهدافها، وقد ساعدها ذلك على تحقيق العديد من الإنجازات في هذا المجال في ظرف وجيز.
وبناء على الاتجاه نفسه يأتي اليوم قرار مجلس الوزراء رقم 52 لسنة 2018 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 في شأن حقوق الطفل «وديمة» الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، واضعاً بذلك دولة الإمارات على قائمة الدول الرائدة عالمياً في مجال حماية ورعاية الطفولة والسباقة في تمكين هذه الشريحة المهمة من التمتع بالحقوق التي يكفلها القانون كافة من دون أي تمييز. فبرغم أن دستور دولة الإمارات نص في بنوده الواضحة على منح الطفولة الاهتمام والعناية القصوى منذ قيام دولة الاتحاد، وأكد أن الأسرة هي قوام المجتمع، فإن القانون الجديد تطرق إلى الكثير من التفاصيل المتعلقة بشروط التعامل مع عالم الطفولة ووضع أسس وآليات صارمة بهدف وضع الطفل في إطار شامل من الحماية وتوفير أفضل البيئات لعيشه.
لقد حددت اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 في شأن حقوق الطفل «وديمة» شروط تشغيل الأطفال، وإجراءات الإبلاغ عن انتهاكات حقوقهم في المؤسسات التعليمية واختصاصات وحدة حماية الأطفال، وشروط اختصاصي حماية الطفل والتدابير الوقائية وتدابير الحماية وشروط الأسرة الحاضنة والتزاماتها وضوابط إيداع الطفل لديها، متطرقاً إلى العديد من النقاط التفصيلية لتلك المسائل. وتعزز هذه الإجراءات كل الجهود التي تم القيام بها سابقاً في هذا الإطار، كما تحدد بشكل واضح المعايير التي سيتم على أساسها التعامل مع الحالات المستجدة، بما في ذلك آلية الردع المناسبة لكل حالة.
وبرغم كون دولة الإمارات العربية المتحدة من بين البلدان الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل منذ 3 يناير 1997، وأوفت بالمبادئ الأساسية التي التزمت بها لحماية الطفل، فإن إعادة مراجعة تلك القوانين تظل أمراً ضرورياً في ظل التفاعل والانفتاح وما قد ينجم عن ذلك من عادات ومسلكيات دخيلة على عادات المجتمع قد تؤثر في طريقة التعامل مع الطفولة. وقد أثبتت بعض التجارب السلبية التي سجلت خلال الفترات الأخيرة في حق الطفولة أنه بات من اللازم وضع إطار صارم لحماية أجيال المستقبل من أي انتهاكات تؤثر في صحتهم النفسية والبدنية.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة تثبت كل يوم أنها حريصة كل الحرص على ترسيخ قيمها الإيجابية المتأصلة في المجتمع، وبالتالي فإنها تؤمّن لأجياله المستقبلية أفضل سبل الرعاية الاجتماعية والتعليمية والصحية، باعتبار أن ذلك يشكل أحد المرتكزات الأساسية لإرساء مجتمع متطور ومتجانس ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار ويحفظ الجميع من أي حوادث مؤلمة بحق الطفولة. ذلك ما سار عليه المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما كان ينادي بالاهتمام بالطفل وتوفير كل الوسائل والإمكانيات التي تحفظ له بيئة صالحة يتربى فيها، مؤكداً أن الوطن ينتظره، وعلى كل فرد وأسرة أن تهتم بأطفالها أشد اهتمام. وهو النهج نفسه الذي تواكبه وتسير عليه القيادة الرشيدة اليوم بإصدارها التشريعات القانونية اللازمة لرعاية الطفولة وحمايتها.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية