انطلاقاً من استعدادات دولة الإمارات العربية المتحدة للتعامل مع التحولات الاقتصادية الكبيرة، وسعياً إلى تحقيق أهداف الأجندة الوطنية لـ «رؤية الإمارات 2021» في التحول إلى اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة ويستند إلى المرونة والتنوع، تواصل حكومة دولة الإمارات جهودها في تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز دور القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، بما يطور من بيئة الأعمال، ويعزز من جاذبية الدولة للاستثمارات، وإطلاق إمكانات المواطنين ليقودوا عجلة التنمية والتطوير وتخريج أجيالٍ تتمتع بروح الريادة والإبداع والمسؤولية والطموح، وبما يعزز مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية.
وإيماناً بالدور الذي باتت تلعبه القطاعات والأنشطة المعرفية والتكنولوجية والرقمية في حياة البشر والمؤسسات، انطلق، يوم أمس الأحد، مؤتمر «الاقتصاد الرقمي العربي» بنسخته الأولى، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، ليشهد الحدث، وعلى مدار يومين، إطلاق الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي، الهادفة إلى تعزيز التعاون العربي المشترك المبني على المعرفة الرقمية، وتطوير البنى التحتية التكنولوجية والتشريعية، ودعم خطط التحول الرقمي والتطور التكنولوجي عربياً، ليعدّ المؤتمر بذلك المنصة الجديدة لتصميم خريطة استراتيجية للاستثمارات، وصياغة السياسات وتطوير التكنولوجيات، من خلال تبني إعادة تشكيل العمليات والمنتجات والخدمات، عبر استخدام التكنولوجيا الرقمية.
ونظراً إلى الجهود التي تبذلها دولة الإمارات عموماً وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص في مواكبة مستجدات الثورة الصناعية الرابعة وعصر الذكاء الاصطناعي، جاء تنظيم وإطلاق مؤتمر «الاقتصاد الرقمي العربي» ليسهم في تأسيس اقتصاد رقمي تعاوني، يساعد المجتمعات على مواجهة التحديات، مستعرضاً العديد من التقنيات، كالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا وخطط التحول الرقمي، والمدن المستقبلية، والشفافية المالية، والابتكار في تكنولوجيا الرعاية الصحية وتقنية «البلوك تشين»، والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات وغيرها، بحضور ممثلين عن الدول العربية، ووزراء المالية والاقتصاد ومحافظي المصارف المركزية وكبار رجال الأعمال والمستثمرين، وخبراء عالميين ومن منظمات دولية في مجالات الاقتصاد الرقمي.
إن اهتمام أبوظبي بتنظيم فعالية عربية كبرى، تواكب المستجدات التكنولوجية والرقمية عربياً، يشير إلى تركيزها على صناعة وإطلاق استراتيجية عربية للاقتصاد الرقمي، واستعراض الرؤى العربية المشتركة للقطاع، وإطلاق مبادرات تسهم في تحويل المنطقة إلى اقتصاد رقمي يعزز الجهود المبذولة في التنمية الشاملة والمستدامة، ما يؤكد مكانة دولة الإمارات، بوصفها نموذجاً اقتصادياً رقمياً يحتذى به، لكونها حققت أفضل النتائج في مؤشرات التنافسية الرقمية العالمية، واستطاعت أن تعزز من استخدامات التحول الرقمي في العديد من المجالات. إن تقدم دولة الإمارات إلى المرتبة الأولى عربياً والـ 17 عالمياً في التقرير السنوي للتنافسية الرقمية العالمية الصادر في يونيو الماضي، عن مركز التنافسية العالمي، والمرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر المواهب، الذي يندرج ضمن مؤشر المعرفة والإدراك الرقمي، يؤكد نجاح الدولة في تطبيق الرقمنة وجاهزيتها للمستقبل، ما ينعكس على طبيعة الحياة وطبيعة الأعمال والطرق التي يعمل بها الاقتصاد الوطني.
لقد استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة تحقيق مجموعة من المنجزات على صعيد التحول الرقمي، حيث تعمل وبشكل متواصل على تطوير تبنيها للرقمنة في استراتيجياتها ومشاريعها ومبادراتها واستثماراتها كافة، وأبرزها: المشاريع التكنولوجية والبنى التحتية وبناء المدن الذكية والتعليم والرعاية الصحية والإنتاج والتصنيع، وذلك نظراً إلى أهمية الرقمنة كمحفز للاقتصادات المعرفية المستدامة، مع التركيز على رفع القدرات البشرية لتكون مسهماً حقيقياً في بناء اقتصاد معرفي مستدام، ودعم التمكين المعرفي للشباب العربي، عبر مبادرات مبتكرة، تحقق الرفاه والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مثل: «مشروع مليون مبرمج عربي» ومنصة المدرسة الإلكترونية للتعلم، التي تقدم دروساً في مواد الرياضيات والعلوم مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي حول العالم، فضلاً عن الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي التي ستخرج عن مؤتمر «الاقتصاد الرقمي العربي»، الذي وصفته مجلة «فايننشيال بوست» الكندية مؤخراً، بالخطوة الجريئة، التي تعزز العمل العربي المشترك.

 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية