إذا كانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم 36 دولة من الدول الغنية، تتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.7 في المئة خلال العام الحالي، إلى 3.5 في المئة في عامي 2019 و 2020، فهي متفائلة نسبياً، مقارنة مع مؤسسات دولية، تحذر من حصول أزمة مالية عالمية جديدة، أسوأ من التي حصلت عام 2008. وإذا كانت المنظمة أيضاً، تتوقع أن يتراجع النمو الأميركي من 2.9 في المئة، إلى 2.7 في المئة العام المقبل، و2.1 في المئة عام 2020، وكذلك النمو الصيني من 6.6 في المئة، إلى 6.3 في المئة، ثم إلى 6 في المئة، في العامين المقبلين (أدنى مستوى في 30 عاماً )، فإن التقارير الدولية تحمل هذين الاقتصادين الأكبر عالمياً، مسؤولية أخطار الأزمة المالية العالمية المرتقبة، وتداعياتها على مختلف الدول المتقدمة والناشئة، على حد سواء. وتظهر مؤشرات الركود الأساس (حسب بعض الاقتصاديين)، أن أمام الاقتصاد الأميركي عامين من النمو، ولكن هناك أخطاراً جيوسياسية، مثل توتر العلاقات التجارية مع الصين، والخلاف السياسي مع إيران، وقد حذر صندوق النقد الدولي من تزايد الأخطار في أسواق المال العالمية. ولعل الأخطر من ذلك تفاقم مشكلة الديون، التي حملت الصندوق على دق ناقوس الخطر من «اصطدام باخرة النمو الاقتصادي بجبل جليد الديون».
عندما تسلم ترامب منصبه في يناير 2017، كان حجم الدين العام الأميركي أقل من 19.8 تريليون دولار، وقد وعد الأميركيين في حينه، أن بإمكانه تسديد هذا الدين بسهولة خلال ثمانية أعوام، مع العلم أن مدة ولايته هي أربعة أعوام، وكأنه بذلك يروج لتجديد ولايته مرة ثانية بحيث يترك الحكم في مطلع العام 2025، من دون أن يورث خلفه ديوناً ثقيلة كما فعل سلفه باراك أوباما. ولكن خلافاً لتوقعاته المتفائلة، زاد الدين العام، ليصل المجموع إلى نحو 20.35 تريليون دولار، على أن يرتفع بوتيرة تدريجية سنوياً ليصل 24.67 تريليون دولار في العام 2027، والأخطر من ذلك أن جزءاً كبيراً منه «متعثر»، وقد أعرب صندوق النقد في آخر مدوناته عن قلقه من بلوغ القروض «العالية المخاطر»، مستويات خطيرة عالمياً، ويبلغ حجمها نحو 1.3 تريليون دولار، وهو مطابق لمستواه قبل أزمة العام 2008، خصوصاً أن 70 في المئة منها موجود في الولايات المتحدة، وتشكل القروض المنخفضة الضمانات 80 في المئة، من القروض الجديدة التي جرى ترتيبها للمقترضين المستثمرين والشركات (من غير البنوك)، مقارنة بـ30 في المئة فقط منذ 10 سنوات، حتى أن معدلات استرداد الديون المتعثرة تراجعت من 82 في المئة إلى 69 في المئة، ما يهدد بحدوث أزمة ائتمانية كبيرة.
أما بالنسبة لوضع الاقتصاد الصيني، فهو ليس أفضل حالًا، حيث يعاني من مشكلات أساسية، أهمها هروب الرساميل، إضافة إلى مشكلتين خطيرتين بانعكاساتهما السلبية، الأولى تتعلق بنشاط «صيرفة الظل» ويشمل النشاط المصرفي خارج الميزانية، ويقدر حجمه بنحو 17 تريليون يوان، أي ما يقرب من ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وما يزيد من أخطار هذه المشكلة هيمنة الإقراض للمقترضين على ذوي الأخطار المرتفعة. أما المشكلة الثانية، فهي تتعلق بضخامة ديون الصين الداخلية والخارجية، وإنْ كانت وتيرة نمو نسبتها للناتج الإجمالي قد هدأت في العام الماضي مسجلة فقط 2 في المئة، لكنها وصلت إلى 294 في المئة، وهو رقم كبير جداً بالمقاييس الدولية، والأخطر من ذلك أن ديون الشركات بلغت 165 في المئة من الناتج، الأمر الذي يهدد عدداً كبيراً منها بالإفلاس.