كتبت مجموعة مؤلفة من 44 عضواً سابقاً في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة لصحيفة «واشنطن بوست»، جاء فيها: «بصرف النظر عن الانتماء الحزبي أو الميول الأيديولوجية أو الجغرافيا، نحث باعتبارنا أعضاء سابقين في هذه الهيئة العظيمة، أعضاءَ مجلس الشيوخ الحاليين والمستقبليين أن يكونوا حراساً مخلصين وغيورين على ديمقراطيتنا، بضمان ألا تحل الحزبية أو المصالح الخاصة محل المصالح القومية». وأود أن أشير هنا إلى أن المجموعة لم تتضمن إلا عدداً صغيراً من الجمهوريين. وللأسف، أصبحت جاذبية أن يكون المرء «حارساً مخلصاً وغيوراً على ديمقراطيتنا» محل خلاف الآن لدى الجمهوريين، فيما أظن. وعلى أية حال فالسؤال هو: كيف يكون المرء «حارساً مخلصاً وغيوراً على ديمقراطيتنا»؟
أولاً: تعني إقرار تشريع يحمي المحقق الخاص. فمع كشف روبرت مولر للمزيد من الحقائق يصبح الرئيس دونالد ترامب أقل رباطة جأش، وأكثر احتمالاً لأن يتصرف بطريقة يعارضها حتى أقرب مستشاريه. وليس من الصعب على الأقل أن نتخيل أن يقيل الرئيسُ ترامب المحقق مولر، إذا قرر الأخير مثلاً إدانة دونالد ترامب الابن، أو جاريد كوشنر (مستشار الرئيس وزوج ابنته).
ثانياً: تعني التحلي بالدقة الواجبة في جلسات تأكيد تعيين ويليام بار لمنصب وزير العدل. وكما أشرت، فإن جعله يستنكر تشويه سمعة وزارة العدل، ويؤكد أن ترامب لا يملك القدرة على عرقلة العدالة ،وأن يبرئ مولر من أي صراعات، سيساهم كل هذا كثيراً في حكم القانون، ويعطيه مصداقية كبيرة وسط المدعين في وزارة العدل.
ثالثاً: نشاط اللجان التي يسيطر عليها الجمهوريون في ممارسة الرقابة ضعيف، بخلاف لجنتي الاستخبارات والعلاقات الخارجية التي يعمل فيهما الجمهوريون كما لو أنهم محامو دفاع عن الإدارة. وأنا لا أتحدث هنا حتى عن الفضائح. بل أسأل: أين جلسات الاستماع عن مأساة فشل فصل أطفال المهاجرين عن أسرهم وعن إعصار ماريا وعن النتائج السلبية لفرض رسوم على الاستيراد؟ ومناقشة القضايا الجوهرية ليست مهمة في حد ذاتها، بل الأهم هو إعادة ترسيخ مكانة الكونجرس باعتباره فرعاً نداً في الحكومة يراقب الفرع التنفيذي عند الحاجة. ولولا اعتماد ترامب على مجلس للشيوخ سهل الانقياد، لكان أقل جنوحاً نحو اتخاذا إجراءات خطيرة.
رابعاً: يتعين على الجمهوريين، إلى جانب زملائهم الديمقراطيين، الدفاع عن مكتب التحقيقات الاتحادي (إف. بي. آي) وعن المحقق الخاص مولر، ضد إهانات ترامب وتشويهه لسمعة المكتب الاتحادي ومولر. وربما يحدث هذا في جلسات الاستماع بشأن تعيين ويليام بار. وقد يصدر مجلس الشيوخ قراراً ينم عن أن المجلس لديه ثقة كاملة في مولر الذي ليس لديه صراع ينفي أهليته للاضطلاع بالمهمة، وأن الاتهامات التي تزيد على 30 اتهاماً توضح نفع التحقيق. وقد حان الوقت لأن يستنكر الراشدون في الحزب الجمهوري فكرة إعادة التحقيق مع هيلاري كلينتون بعدما لم يعد هناك سبب لتتعقبها وزارة العدل.
لقد بلغ مجلس الشيوخ مرحلة ضعيفة في تاريخه بسلوك الجمهوريين المتمثل في الصراخ ونسج نظريات المؤامرة وإهانة ضحايا الجرائم الجنسية من النساء. ويأمل المرء أنه لم يعد أمام المجلس إلا الصعود ثانية. ومن الضروري أن يعبر الجمهوريون عن آرائهم متى كان هذا مناسباً، ولو لمجرد إقناع ترامب بأن ليس لديه دعم تلقائي في مجلس الشيوخ. وإذا أعلنوا آراءهم، فما يتعين عليهم فعله فيما بعد، هو كتابة تشريع يستهدف الحفاظ على استقلال وزارة العدل على سبيل المثال. وقريباً جداً قد يقرون بالفعل تشريعاً أو يرفضون إقرار تعيين مرشح أو اثنين غير مؤهلين للمناصب. وربما يبدأ مجلس الشيوخ في استعادة سمعته في النضج والحكم الرشيد.

*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»