عندما سمعت أن الشرطة الإسرائيلية أوصت بتوجيه تهمة الفساد إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للمرة الثالثة، كنت أعرف مهمتي: كتابة عمود عن لحظة محددة للكفاح من أجل الحفاظ على الديمقراطية وسيادة القانون.
لقد كان الاتهامان السابقان بالفساد عاديين. أما هذا الثالث، المعروف باسم «القضية 4000»، فيزعم أن نتنياهو، الذي خدم لفترة طويلة، كان يستخدم منصبه لصالح المستحوذ على أكبر مزود للاتصالات في إسرائيل، مقابل تغطية إخبارية مواتية من الفرع الإعلامي للشركة. وهذا السلوك، على افتراض أنه حقيقي، يقوض حرية الصحافة ويعرض للخطر الديمقراطية التناوبية.
لكن قبل الخوض في تفاصيل الفضيحة، وما الذي يجب على مكتب النائب العام الإسرائيلي القيام به تجاه توصية الشرطة، ينبغي التوقف من أجل اعتراف. باعتباري أميركياً، فإني لا أملك أساساً أخلاقياً مرتفعاً لانتقاد انخراط إسرائيل مع الفساد التنفيذي.
لكن الوضع الإسرائيلي خطير للغاية. فخلال العامين الأخيرين، كانت هناك العديد من التقارير والإشاعات بخصوص نتنياهو والفساد. لذا ربما يبدو من السهل تجاهل هذا الأخير باعتباره من نفس النوع. وسيكون هذا خطأً فادحاً. فالفساد على مستوى منخفض شيء، لكن إساءة استخدام السلطة بشكل منتظم للسيطرة على وسائل الإعلام الإخبارية هو أمر يهدد الديمقراطية نفسها.
والسياق المهم لآخر تقرير للشرطة هو أن نتنياهو على وشك أن يصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة منذ بن جوريون. ومثل غيره من القادة الذين أمضوا فترة طويلة في الحكم في الديمقراطيات المنتخبة دون حدود زمنية، فقد كان نتنياهو يحاول استخدام سلطته المتراكمة للحفاظ على منصبه.
وتظهر الأمثلة في السنوات الأخيرة من المجر إلى تركيا كيف يمكن للقادة المنتخبين أن يفسدوا الديمقراطية من خلال زيادة سيطرتهم تدريجياً على الصحافة. هذه العملية لا يجب أن تبدأ بالرقابة الفجة. وفي الواقع، فهي تبدأ عادة بطريقة تبدو بريئة، مع وجود علاقات ودية بين القادة وبارونات الصحافة.
وفي حالة نتنياهو، لم تكن الخطوة الأولى غير قانونية على الإطلاق. فقد بدأت صحيفة حرة، هي «إسرائيل توداي»، في تقديم تغطية تبجيلية لرئيس الوزراء وشركائه. وقامت هذه الصحيفة، التي تحصل على تمويلات ضخمة من الملياردير الأميركي «شيلدون اديلسون»، بانتهاكات داخل المشهد الإعلامي الإسرائيلي، لتحل محل وسائل الإعلام التقليدية مدفوعة الأجر. واستفاد نتنياهو من هذا التغيير، ويبدو أنه أعطاه أفكاراً.
وفي الفضيحة التي تتحدث عنها الشرطة الآن، يُزعَم أن رئيس الوزراء اتخذ خطوات لمساعدة حلفاء له في جهودهم للاستحواذ على شركة الاتصالات الأرضية «بيزك». وكانت المقايضة، وفقاً للشرطة، أن تضمن «بيزك» تغطية إيجابية لنتنياهو في فرعها الإعلامي «واللا». والمحصلة هي أن نتنياهو كان يرمي لإطالة فترة حكمه وتعزيز هيمنته السياسية، وهذا بذاته تهديد للديمقراطية.
وفي الولايات المتحدة هناك شبهات حول وجود محاولة لتخريب الديمقراطية الأميركية من خلال السلوك الانتخابي. ولا يجب أن تشتتنا الهجمات المعلنة على وسائل الإعلام عن التغطية التبجيلية التي يحصل عليها البيت الأبيض من شبكة «فوكس نيوز». وتظهر هجمات ترامب المباشرة على «جيف بيزوس» لملكيته لصحيفة «واشنطن بوست» دافعه لإضفاء طابع شخصي على ملكية وسائل الإعلام أملا في التأثير على التغطية الخاصة به. والأمر المقلق أن ترامب أمر تابعيه بمنع عملية الدمج بين «تايم وارنر – إيه تي آند تي» من أجل الضغط على شبكة «سي إن إن».

*أستاذ القانون بجامعة هارفارد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»