تصدر صراع روسيا مع أوكرانيا عناوين الأخبار من جديد، بعد أن استولت روسيا على ثلاث سفن حربية أوكرانية وطواقمها بالقرب من شبه جزيرة القرم، وأدى هذا إلى إعلان الأحكام العرفية في أوكرانيا وإلى تصعيد جديد في التوترات بين البلدين الجارين. لكن القليل جداً من الاهتمام تم تركيزه على الصراع الاقتصادي بين البلدين الذي تسبب في دمار أكبر من فرض الغرب عقوبات على روسيا على مدار السنوات الخمس الماضية. والصراع الاقتصادي قد يترك عواقب دائمة حتى إذا تم حل الصراع السياسي الحالي العصي على الحل فيما يبدو. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا وأوكرانيا تضررتا بشدة من تمزق العلاقات التقليدية بينهما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي قبل ثلاثة عقود تقريباً. لكن الضرر تفاقم بعد وصول حكومة مؤيدة للغرب إلى السلطة في كييف في بداية عام 2014، وهو ما ردت روسيا عليه بضم القرم إليها ودعم حرب انفصالية في شرق أوكرانيا. ونتيجة لهذا وبسبب موجات العقوبات المتبادلة الشديدة، تقلصت التجارة الروسية الأوكرانية إلى ثلثي قيمتها في السنوات الخمس الماضية. والعقوبات الجديدة التي فُرضت هذا الشهر من موسكو ضد سياسيين أوكرانيين بارزين وشركات أوكرانية، توحي بأن التصدع في العلاقات قد يصبح دائماً.

لكن روسيا ما زالت أكبر شريك تجاري لأوكرانيا بفارق كبير، بينما معظم دول الاتحاد الأوروبي التي تعلقت بها أنظار المشاركين في «ثورة الميدان» الأوكرانية ما زالت في مرحلة متأخرة بشكل كبير في قائمة الشركاء التجاريين. وأحدث جولة من العقوبات الروسية شملت 322 أوكرانياً و68 شركة أوكرانية. واستهدفت العقوبات فيما يبدو أن تؤدي إلى نتيجة في صالح روسيا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأوكرانية المقبلة. وأوكرانيا من جانبها فرضت عقوبات على 2000 روسي و700 شركة روسية منذ عام 2014 مما تسبب في ضربة شديدة لعمليات البنوك الروسية في أوكرانيا. والرحلات التجارية بين البلدين محظورة، لكن مازال السفر بين البلدين بالقطار ممكناً، والخطوط الحديدية الروسية المملوكة للدولة محظور عليها العمل في الأراضي الأوكرانية. والتعاون الذي كان مكثفاً من قبل بين الصناعات العسكرية في الاتحاد السوفييتي السابق توقف عام 2014.
أوكرانيا أفقدت نحو 15% من قدراتها الصناعية ومعظم مواردها التي كانت غنية بها ذات يوم من الفحم، بسبب الخراب الناتج عن الحرب والانفصال في شرق روسيا. ومعظم الصناعات الكبيرة في شرق أوكرانيا تعطلت من خلال فقدان الأسواق الروسية أمام منتجاتها الفريدة من التوربينات العملاقة وعربات السكة الحديد ومحركات طائرات الهليكوبتر والجرارات وقطع غيار الصواريخ.
*صحفي كندي مقيم في موسكو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»