جمعني لقاء مفيد مع بعض الأشقاء من المملكة العربية السعودية، الشقيقة الكبرى لدول الخليج، والداعمة الأكبر للشقيقة الكبرى للعرب. أأرخ لهذا الجمع الطيب ببدايات «الربيع العربي»، الذي استهدف مصر على وجه الدقة ومن ثم البقية الباقية من شتات العرب. كان مركز الحديث عن الشقيقة السعودية، وضرورة العمل على تقوية الجبهة الداخلية للمملكة أولاً وأخيراً لأنها هي المستهدفة بعد أن تكسرت عِصي «الإخوان» أمام تظاهرة الثلاثين مليون مصري، الذين أعادوا مصر العروبة والإسلام إلى المصريين بعد انتزاعها من أيدي المتربصين بها الدوائر في كل حين. وقد مرَّ على هذا الحديث قرابة ثماني سنوات، وها هي الأيام تثبت أن أصحاب أجندات «الربيع» يريدون الانتقال إلى الخطة «ب» للنيل من شكيمة المملكة التي تقترب من صعودها التي سوف تقارب القرن بعد سنوات معدودات.
وخاصة بعد أن تبنى ولي عهدها الشاب الطموح خطة 2030 للوصول بالمملكة إلى ذرى الـ«نيوم».
قبل العهد «السلماني» كان منتقدو المملكة، يطالبونها بالانفتاح على العالم، والخروج بها من شرنقة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، والتخفف من حدة «الوهابية» وغير ذلك من المطالب التي كان البعض يعتبرها قيوداً تمنع المملكة من الانطلاق إلى المستقبل.
فها هي اليوم تحث الخطى لتعانق السماء وتطال الآخرين في جدِّية سيرهم نحو الآفاق الرحبة، وتبني مشروع يوجه السعودية للبناء إلى الأعمق.
لقد بدأت السير رغم إصرار الآخرين من الحاسدين والحاقدين من أي تيار كانوا أو من أي فكر تخرجوا، رمي الحجارة في طريق التقدم المنشود والدرب الموعود. لأول مرة في تاريخ المملكة، ولي للعهد يضع حياته رهينة لتحقيق هذا الحلم على أرض الواقع، وهو ما أعلن عنه ولي العهد السعودي، سمو الأمير محمد بن سلمان في مؤتمر «الاستثمار العالمي في السعودية».
وراهن هو على الشعب السعودي لإزالة جبال من العقبات وأطنان الحجارة التي تلقى في الطريق المدروسة خطواته والمرسومة معالمه الاستراتيجية. اليوم الليبرالي ينتقد هذا التوجه السعودي في مسار التنمية المستدامة بلغة العصر، وانضم إليه بعض تيارات الإسلام السياسي، وكأن السعودية تبتدع في الدين، وهي التي تبحث عن الإبداع في شؤون الحياة. نأتي الآن إلى السياسة كما هي معروفة في عالم الحكم، ونقول كلمة عن الأنظمة الملكية ودورها في الحفاظ على الاستقرار في العالم من حولنا. هناك أطراف من المعارضات تمارس وصاية على بعض الحكومات المستقرة وشعوبها آمنة مطمئنة «يأتيها رزقها رغداً من كل مكان بإذن ربها..»، فهذا المعارض الفالت من أي ضابط سياسي يحكم تصرفاته لا يعجبه الحكم الملكي، كما أن من هم على شاكلته، في انتظار وقوع أي عملية فساد ليعلقوا الجرس ويدقوه باستمرار، مع أن «الفساد» أمر مجتمعي تعالجه القوانين والتشريعات ولكن لا تقضي عليه.
بعض المعارضين من أجل المعارضة يضع سلة نجاح أي نظام حكم في العالم بيد الديمقراطي، وإذا حدثته عن الشورى يكشر عن أنيابه ضد الإسلام ولا يقبل أي نقد بنّاء لبعض عيوب الديمقراطية المنتقدة من أهلها قبل المتسولين على موائدها.
والمتابع بعين البصيرة يرى حقيقة ساطعة تمس الأنظمة الملكية في الصميم ألا وهي معادلة الاستقرار السحرية، فانظر أيها المنخدع يمنة العالم ويسرته ستجد على مدار التاريخ الغابر والعابر والحاضر بأن الملكيات الحاكمة هي الأكثر استقراراً من أي نظام آخر، والمملكة وهي تقطع مشوار الدولة العظيمة ليست استثناء، وما يغيظ كل التيارات التي تفرقع من حولها أنها ماضية ولا تبالي بالرياح.