مع الأمن والأمان والازدهار الذي يُعاش في كل بقعة على أرض الإمارات الطاهرة، نجد أن هذه الأرض تُوجت بأخلاق وحكمة شيوخها الكرام، الذين حملوا على عاتقهم أن ينثروا الطمأنينة والسعادة في قلب كل «إنسان» أينما حل وارتحل، متخذين من التنوعات ثروة خلاقة لولادة عصر وئام فريد من نوعه، ولترتقي الإمارات لرتبة النموذج العالمي، في السلم والتعايش والتطور والنهوض مع المحافظة بل وإبراز ملامحها وتراثها الإماراتي الزاخر بنبض العروبة والأصالة، الذي يعلو ثغر شيوخها وشبابها وأطفالها، افتخاراً وولاءً وحباً لدولة التميز الاستثنائية، ولينسج قصة حضارة لا تنضب في الطرق والبيوت ومجالس الحكماء وخيرة الرجال.
الإمارات دولة فتية عمراً، لكنها ناضجة تطوراً وتقدماً، ولم يعتبر ذلك بغريب على دولة احتضنت لبناتها الأساسية جهود الأب المؤسس الشيخ زايد - طيب الله ثراه - الذي نقشت خصاله في صدور شيوخها الأوفياء، وكرست جهودهم استكمالاً لخطواته النبيلة التي لم تستثن مجالاً أو شريحة من اهتمامها، والتي لم تقبل بأقل من العالمية منطلقاً ومقاماً، متخذين من شخصه وحنكته ورؤيته الحكيمة وسمو سقف طموحاته لهذا البلد منهجاً ثابتاً، ليدفع في كل لحظة بعجلة النهوض الإماراتي نحو النماء والازدهار والبناء الحضاري، ليلمع نجم هذه الدولة في سماء التميز، سابقةً لعداد الثواني المفترضة، واصلةً بإنجازاتها إلى الفضاء الخارجي.
«زايد الخير»، الذي حمّل نفسه مسؤولية رعاية ومتابعة القضايا الكبرى دولياً وسياسياً، لم يغفل لحظة عن احتياجات وطنه وشعبه، قائلاً: «إن الثروة الحقيقية هي الإنسان» ليسخر كل ثروات الأرض في خدمة الإماراتيين والوافدين سعياً وإصراراً على الخروج بشعب متسلح بالقيم، مستكملاً لمسيرة التنمية دون أن يحيد عن المبادئ السامية التي تميّز الشخصية الإماراتية، لتنعكس ثوابت شيوخ الإمارات، على إنجازاتهم في المجالات كافة، المنطلقة من عقيدة الإمارات الدينية وتوجهاتها المرتكزة على كل ما تحمله كلمة السلام من معنى، لتنادي وتعمل على إحلال السلم والتعايش والتآخي بدلاً من أشكال التطرف والإرهاب، وساعيةً بكل ما أوتيت من قوة وعزم، متكاتفةً مع القوى الإقليمية والدولية وقوفاً في وجه كل وباء غاشم يسعى للإفساد في الأرض، لنرى مؤازرة الإمارات تشد عضد الدول التي نالها ولو نزر من تشوهات المتطرفين الإرهابية، على سبيل المثال لا الحصر إدانتها للحوادث الإرهابية التي أرّقت ضمير الإنسانية، على الأراضي المصرية الشقيقة، وحادث إطلاق النار الذي استهدف الشرطة الفرنسية، وعملية احتجاز الرهائن الأبرياء في جنوبي فرنسا.
ولم يقف دور الإمارات العظيم في الإدانة أو الرفض، لتراها تستجيب لنداء الأخوة العربية، والنخوة الإنسانية، لتقف في وجه الظلم، جنباً إلى جنب مع أشقائها السعوديين، فقطعت الطرق في وجه العبث الإيراني الذي كان مضمراً، لتبديد مقدرات اليمن السعيد، ولإلحاق الضرر بشعبه دماراً وفساداً، فكانت «عاصفة الحزم» سندانَ عدالة، حطّم نوايا تصدير الثورة الخومينية، وسيفاً حاداً قطع رأس الفتنة الإرهابية بقضائه على مشاريع تنظيم «القاعدة» الإرهابي، الذي تعدت غطرسته لاتخاذ الأراضي اليمنية، بؤرة لاستقطاب الإرهابيين من كل أنحاء العالم، لإطلاقهم في منطقة الخليج والعالم العربي بأكمله، كما دأبت الإمارات لتتبع ذلك بنثر الأمل في الإصلاح وخدمة قضايا الإنسان الذي طاله ما طاله من الخراب «الحوثي»، لترعى الدعم الإنساني والمادي للشعب اليمني، في محافظاته ومدنه وقراه شتى، مما أعاد الأمل فعلياً لأنفاس وأحلام الشعب اليمني الشقيق المحتكرة، وامتدت رعاية الإمارات للقرن الأفريقي برعاية المصالحة الإثيوبية- الإريترية التي أعادت عجلة الوئام إلى مجراه بعد انقطاع دام لأكثر من عشرين سنة، ناهيك عن زياراتها رفيعة المستوى لدول كبرى أوروبية وآسيوية وغيرها.
كما توجت الإمارات دائرة عطائها وسمو أهدافها، بخيوط من ذهب، لترعى مؤخراً تأسيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، المنطلق من رسالة الإمارات الحضارية الهادفة لنشر ثقافة السلم وتحقيق الأمن المجتمعي، مستلهماً مبادراته الرائدة في مجال ترسيخ قيم العيش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم. رافعاً شعار الإحسان من روح القرآن الكريم، في الآية القرآنية “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”.
ولم تتوان الجهود الإماراتية الأصيلة، عن التزامها تجاه أم القضايا، القضية الفلسطينية، مقدمةً دعمها السياسي والإنساني للشعب الفلسطيني، إضافةً لوقوفها مع «الأونروا»، على اعتبارها جزءاً من توجهها الإنساني ودورها الراسخ في ضمان السلام والاستقرار في المنطقة، حيث بلغت المساعدات الإماراتية خلال السنوات الستة الماضية أكثر من 1.68 مليار دولار، تركزت بصفة أساسية في دعم البرامج العامة والمساعدات الموجهة لقطاع التعليم وقطاع الخدمات الاجتماعية، ومساعدات سلعية وصحية، كما امتدت ذراع الخير والسخاء الإماراتية بحكمة شيوخها وطيبهم إلى كل دولة عانت من الأزمات، كالمقدمة مؤخراً بالتعاون مع القيادة السعودية خلال القمة الرباعية التي انعقدت في مكة المكرمة لدعم المملكة الأردنية الهاشمية، وأذكر في هذا السياق رد الأب المؤسس - رحمه الله وجعل رياض الجنة داره - عندما سُئل عن مساعداته للدول الأخرى، ليجيب مستنكراً: «كيف الله يعطي من لا يعطي؟!»، لنرى صدق رسالته التي تسلم مشعل خيريتها الشيوخ الأكارم تتجلى مظاهرها، بإنعام المولى وحفظه للإمارات الشامخة العزيزة التي أضحت في كل بقاع الأرض عَلَماً للنهضة ووساماً للشموخ.