يحتفل شعب الإمارات باليوم الوطني الـ47 لإحياء قيام الاتحاد في مسيرة تخللتها تحديات جسام وتحققت فيها إنجازات ما كانت لتتحقق لولا الرؤية والإستراتيجية التي وضعتها القيادة الرشيدة للبلاد. وكان التحدي الأول الذي واجهه مؤسسو الدولة هو فكرة الاتحاد، فعندما نسترجع بعض المحطات التاريخية المهمة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة يتبين مدى الصعوبات التي واجهت قيام هذا الاتحاد.
بدأت أولى محاولات فكرة إنشاء اتحاد بين مشيخات الخليج بعد أن أعلنت بريطانيا نيتها الانسحاب من منطقة الخليج العربي عام 1968، ما أثار قلق بعض المشيخات الخليجية خشية أن يتسبب رحيل بريطانيا في فراغ سياسي تستغله قوى طامعة كإيران. واتصل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بحكام إمارات الساحل المتصالح وهي رأس الخيمة، والشارقة، والفجيرة، ودبي، وأم القيوين، وعجمان، علاوة على أميري قطر والبحرين، وكان ذلك في 10 يناير 1968، ومن ثَمَّ فإن شعلة الاتحاد انطلقت من إمارة أبوظبي. وفي اليوم نفسه استقبل الشيخ راشد في دبي الشيخ زايد، واتفقا على فكرة اتحاد مشترك بين إماراتي دبي وأبوظبي. وفي 18 فبراير 1968 اجتمع الشيخ زايد والشيخ راشد مرة أخرى في «السميح»، وتم الاتفاق على وثيقة إنشاء اتحاد فيدرالي بين أبوظبي ودبي عرف باسم «الاتحاد الثنائي»، وكانت الشرارة الأولى نحو اتحاد حقيقي يمهد لاتحاد أكبر بين إمارات الساحل المتصالح وقطر والبحرين.
وفي 26-27 فبراير من العام نفسه، عُقِد اجتماع حضره قادة الإمارات السبع المتصالحة، إضافة إلى قطر والبحرين، وصدر بيان يعلن (التوصل إلى إجماع لتأسيس اتحاد فيدرالي يضم الإمارات العربية) يُعرف باسم «الاتحاد التساعي». ولكن هذا الاتحاد لم يستطع الصمود أمام العديد من العقبات التي اعترضت طريقه ومنها تحديد مكان عاصمة الاتحاد، وبالإعلان عن إنشاء دولة البحرين في 14 أغسطس 1971 وبعد شهر تبعتها قطر، لم يكن هناك مفر إلا الحفاظ على صيغة الاتحاد السباعي.
وقامت كل من إمارتي أبوظبي ودبي فوراً بالاجتماع السري العاجل في السميح لتنفيذ فكرة الاتحاد الثنائي ودعوة الُحكام الخمسة الآخرين إلى الانضمام لهذا الاتحاد الُسباعي. وتم الاتفاق على اتحاد ست إمارات لم يكن من بينها إمارة رأس الخيمة. وأُقر الاتحاد السداسي، وشهد تاريخ 2 ديسمبر عام 1971 الميلاد الرسمي لما يعرف حالياً بدولة الإمارات العربية المتحدة. وانضمت رأس الخيمة في الـ10 من فبراير 1972.
* كاتبة وأستاذ مساعد بـ«أكاديمية الإمارات الدبلوماسية»