شكل افتتاح الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، لـقمة «أقدر» العالمية قبل يومين بأرض المعارض بأبوظبي، محطة مهمة على طريق التنمية المستدامة داخل الدولة في مختلف المجالات، وخاصة أن نسخة هذا العام قد شهدت توسعاً ملحوظاً في طبيعة نشاطاتها ومستوى الحضور النوعي للشخصيات التي توافدت عليها من مختلف المنظمات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، فضلاً عن حضور ممثلين عن وزارات وجهات مختصة من دول كبيرة مثل ألمانيا وروسيا، هذا إضافة إلى حضور متخصصين في مجالات التعليم والصحة والبيئة والتنمية والأمن والصناعات، والبيئة والتنمية المستدامة، وهو ما جعل منها بحق منصة تجمع كل المعنيين بتنمية الإنسان وقدراته، وتوفير الأدوات اللازمة لتطوير الإبداع البشري، وتدريب الكوادر الوطنية وفق أسس الاستدامة المطلوبة.
لكن ما يميز قمة «أقدر» لهذا العام أنها جاءت في خضم احتفاء الدولة بفعاليات «عام زايد»، وبالتالي شكلت فعالياتها إضافة نوعية إلى حدث العام الأبرز لكل المواطنين والمقيمين، من هنا جاء احتفاء المشاركين في القمة بـــ«الأوبريت» الذي تغنى بالسيرة العطرة لمؤسس الدولة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كما شهد الحضور عرض فيديو تناول جانباً من جهود القائد المؤسس في تمكين الشباب وتوفير فرص النجاح لهم، ويربط إنجازات الحاضر الإماراتي بتاريخ الدولة وتأسيسها، وتمكين قيادتها للإنسان، وتوفير كل ما من شأنه بناء قدراته، وتزويده بالأدوات اللازمة للمساهمة في مسيرة الدولة الحضارية.
إن طبيعة وتنوع المواضيع التي تناولتها قمة «أقدر» العالمية جعلا منها منصة حوارية بناءة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنبراً لتبادل الآراء والخبرات بين المبدعين وصناع القرار، كما بات يُنظر إليها كتجربة رائدة في بناء الإنسان، لما تقدمه من حلقات نقاشية وحوارات علمية وورشات تدريبية على أيدي أبرز المتحدثين والمتخصصين والخبراء من المنطقة والعالم.
ولهذا يمكن القول اليوم إن القمة تمكنت في ظرف وجيز من تعزيز المفاهيم والقيم الأخلاقية بين الأفراد وساهمت في رفع مستوى وعي المجتمع بمبادراتها الهادفة إلى تطوير أفراده، وخاصة أن التوصيات والمخرجات التي قدمها المشاركون فيها حظيت بعناية صناع القرار داخل الدولة. إلا أن الفضل في ذلك يعود من جهة أخرى إلى رغبة قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة في الاستفادة مما تقدمه العقول المبدعة في مختلف المجالات.
فقمة «أقدر» التي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة والعالم تدل على أن دولة الإمارات أصبحت تملك زمام المبادرة في العديد من المجالات، وذلك تحقيقاً لرفاهية الإنسان والمجتمع وتوطيد الاستقرار وغرس السلام والأمن. إن هذه القمة تأسست على شعار رئيسي هو تنمية العقول لازدهار الأوطان، وهو شعار يستهدف بالدرجة الأولى بناء قدرات الطلاب ومهاراتهم وإدراكهم ومعارفهم لمواجهة التحديات المحيطة بهم على المستويين القريب والمتوسط، ومن ثم تمكينهم من الوسائل العقلية والمنطقية للتعامل الإيجابي مع تلك التحديات. وإذا حاولنا اليوم تحديد الأهداف التي تسعى قمة «أقدر» إلى تحقيقها أدركنا مدى شموليتها وعمق أفكارها، ومن أبرز تلك الأهداف، على سبيل المثال، وضع مشاريع تهدف إلى تنمية قدرات الإنسان وتوفير الأدوات والتقنيات لتطوير الإبداع البشري وتعزيز الكوادر وتدريبها وفق أسس متطلبات التنمية، إضافة إلى تبني سياسات وقائية للتوعية من المخاطر المحدقة بالشباب والاستفادة من التجارب الإقليمية والدولية في هذا المجال، وبناء منصة لحوارٍ منتج بين الخبراء والمختصين والمعنيين لتحديد المخاطر والتحديات وتقديم السبل الكفيلة بمواجهتها، والعمل على توحيد المفاهيم في مجال التربية من خلال تصميم أدلة عمل موحدة عبر فتح آفاق ونوافذ جديدة لتمكين الطلاب وأولياء الأمور من التعبير عن احتياجاتهم ومتطلباتهم بما يحقق الشراكة الاستراتيجية بين المؤسسات التعليمية والأسرة وتمكين المؤسسات والموارد البشرية العاملة في مجال التربية من المعرفة المستدامة.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية