لو أن أي عضو آخر في إدارة ترامب سعى إلى تبرير قراره إرسال آلاف الجنود إلى الحدود من خلال التحدث عن تهديد الثوار المكسيكيين قبل أكثر من قرن من الزمن، لكان من الممكن التغاضي عن ذلك. فالمبالغة والهستيريا لغة سائدة لهذه الإدارة، لكن وزير الدفاع جيم ماتيس، الذي أشار مؤخراً إلى هذا الموضوع، كان من المفترض أن يتحدث لغة أفضل. فقد كان معروفا عنه أنه رجل أكثر عقلانية – ليس مجرد الرجل العاقل والناضج في الإدارة، ولكن أيضاً الضمير والمصد أمام الكارثة. لكن، يبدو أن مكروهاً وقع للجنرال ماتيس. فقبل أسبوعين، سافر إلى أقصى جنوب تكساس لزيارة أولئك الجنود. كانت الزيارة شيئا جيداً وضروريا. فترامب، ورغم كل ما يقوله من أنه يقدّر الجيش ويدعمه، إلا أنه لا يبذل جهدا للاختلاط بالعسكريين أو تكريمهم. وقد كان ذلك هدف ماتيس النبيل. فقد كان يحاول طمأنتهم بأنه إذا فاتهم الاحتفال بعيد الشكر هذا العام، فإن ذلك سيكون من أجل شيء مهم يستحق التضحية. ولكن فعل ذلك لم يكن ممكنا دون الانخراط في الخداع، ذلك أن دعم ترامب يتطلب ذلك.
وفي حالة ماتيس، كان الأمر يتطلب «بانتشو فيا» الذي كان ثائراً مكسيكياً قام رفقة مئات من أتباعه المسلحين بمهاجمة بلدة أميركية حدودية، فأحرق منازلها وقتل سكانها، قبل أن يتراجع إلى المكسيك، حيث أمر الرئيس الأميركي وودرو ويلسون بملاحقته. ماتيس عاد إلى هذا الفصل من التاريخ في تصريحات للصحافيين في طريقه إلى المكسيك.
وقال: «أعتقدُ أن العديد منكم يعلمون أن الرئيس ويلسون قام قبل 100 سنة – أكثر بقليل من 100 سنة – بإرسال الجيش الأميركي إلى الحدود الجنوبية الغربية»، مضيفا «التهديد وقتئذ كان هو جنود الثائر بانتشو فيا الذين يشنون غارات عبر الحدود على أراضي الولايات المتحدة – نيومكسيكو أو المكسيك الجديدة – في 1916». أمر مثير للاهتمام ولكنه غير ذي صلة بالموضوع. إذ لا يوجد بانتشو فيا في قافلة المهاجرين المتوجهين شمالا عبر المكسيك. وترامب نفسه اعترف بذلك. صحيح أنه لم يقل ذلك صراحة، ولكن الأمر بدهي في صمته المطبق تقريبا حول الوضع منذ الانتخابات النصفية. وقد تعمد ترامب استخدام هذه الصور التي تنطوي على كثير من المبالغة في محاولة لإثارة قاعدته.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»