شكّل لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بطلبة الدولة الدارسين في الجامعات والمعاهد الفرنسية خلال زيارته الأخيرة لفرنسا، بعداً جديداً في علاقة قيادة دولة الإمارات بمواطنيها أينما حلوا، خاصة إذا كان هؤلاء يوجدون خارج تراب الوطن من أجل أسمى مهمة في حياة الإنسان، وهي طلب العلم والتزود بالمعارف الضرورية لبناء الإنسان والأوطان. فقد حرص سموه خلال الزيارة على مقابلة الطلاب المبتعثين، والتعرف عن قرب إلى ظروفهم في بلاد الغربة، ومسار تحصيلهم الأكاديمي، والاطلاع على طبيعة التخصصات التي يدرسونها، ومن ثم التحاور معهم حول رهانات المستقبل وحثهم على أن يكونوا عناصر فاعلة في بناء وطنهم وتعزيز مسيرته التنموية بعد استكمال رحلتهم العلمية المظفرة.
اهتمام صاحب السمو بأوضاع أبناء الإمارات الدارسين في مختلف دول العالم، وخاصة أولئك الذين يعملون بجد وحزم، يشكل محوراً أصيلاً في استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها، كما يشكل طلب العلم في الخارج مبدأ أساسياً في بناء الدول وحياة الشعوب، وذلك لكونه يستجيب لحاجة البشر في التطور الإنساني باكتساب العلوم والمعارف المختلفة. كما ستظل رحلة طلب العلم عبر العالم وتحمل المشقات من أجله من أسمى الأهداف التي يستحق أن يواجه فيها الإنسان مختلف التحديات والظروف. لتظل الغربة من أجل طلب العلم فرصة بذاتها لنقل ثقافة البلد الأصل، ومرآةً لنقل ثقافة أهله وميزته الحضارية إلى البلد المضيف. ومن هذا المنطلق، تحديداً، خاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الطلاب قائلاً: «أبنائي أنتم سفراء دولة الإمارات في الخارج وجسور التواصل والتلاقي لنقل الصورة المشرفة لوطنكم إلى الشعوب والأمم الأخرى وقيم التسامح والتعايش التي يتحلى بها شعب الإمارات، إضافة إلى إبراز مستوى التقدم والتطور الحضاري والإنساني الذي وصلت إليه الدولة في الميادين كافة».
إن حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على لقاء طلبة الإمارات في فرنسا والاطمئنان على أوضاعهم، تواكبه جهود مستمرة وشاملة للجهات المعنية بشؤون الرعايا الإماراتيين في الخارج بشكل عام، وهو ما تؤكده الإجراءات التي تقوم بها وزارات التربية والتعليم والصحة والخارجية لأجل تسهيل حياة المواطن في الخارج، سواء أكان مستثمراً أم عاملاً أم طالباً في المعاهد والجامعات الأجنبية، أم مراجعاً لإحدى المؤسسات الصحية الأجنبية، بل وحتى سائحاً عادياً.
وبغض النظر عن الظروف الاستثنائية التي يتعرض لها المواطن الإماراتي في الخارج، كالكوارث والأزمات والاضطرابات الأمنية أو حالات الاعتداء أو المضايقات، توفر له الجهات الحكومية المكلفة مجموعة من التسهيلات لتيسير المعاملات الإدارية والدبلوماسية، وتتيح له غطاءً أمنياً وقانونياً لحمايته في نفسه وماله، ولهذا باتت الإمارات اليوم تصنف من أكثر دول العالم اهتماماً برعاياها في الخارج، رافعةً بذلك شعار المواطن أولاً وأخيراً داخل الوطن وخارجه، مكرسةً بذلك مضمون دستور الإمارات الذي ينص على حماية حكومة الاتحاد لمواطنيها في الخارج وفقاً للأصول الدولية المتبعة.
وفي هذا السياق -على سبيل المثال- تحرص وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات بالتنسيق مع بعض الوزارات الأخرى على متابعة شؤون الطلبة في الخارج، بالتنسيق مع بعثات الدولة والجهات المعنية في الدولة، كما تتعامل مع الحالات الطارئة للمواطنين في الخارج، وتقدم لهم الدعم الكامل في حالات التوقيف أو الوفاة، وتزودهم بالإرشادات والنصائح المتعلقة بالسفر، وتيسر لهم استخراج وثائق العودة إلى الوطن، بما في ذلك عودة الأبناء المولودين في الخارج.
كما أتاحت الوزارة للمواطنين في الخارج مجموعة من الخدمات الإضافية مثل خدمة «تواجدي» لتسهيل عملية التواصل بين بعثات الدولة في الخارج مع المواطنين المسجلين في الخدمة، والموجودين في حالات الطوارئ بهدف إجلائهم وتنسيق عودتهم سالمين، وخدمة «جواز الطوارئ» لتمكين فاقدي جوازات سفرهم وبطاقاتهم في الخارج من الحصول على بدائل لها وغير ذلك من الخدمات المتنوعة والمتعددة.

* عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.