أظهر المؤتمر السنوي التاسع للتعليم الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان «تعليم متطور لعالم متغير: استراتيجية التعليم لدولة الإمارات العربية المتحدة»، واختتمت أعماله يوم أمس الأربعاء في مقر المركز بأبوظبي، أهمية تعزيز الجهود لتطوير نظام تعليمي حديث ومبتكر يعمل على إعداد الطلاب والمؤسسات التعليمية، ويأخذ بعين الاعتبار التطورات الجارية في مجال التعليم في العالم، بما يسهم بفاعلية في اقتصاد المعرفة المتنامي في الدولة. وقد أكد المشاركون في المؤتمر أهمية تعزيز استخدام التكنولوجيا في خطط ومبادرات تطوير المنظومة التعليمية، واستثمار الاتجاهات التعليمية والتكنولوجية الحالية، مثل: الذكاء الاصطناعي والتعهيد والتمويل الجماعي وقاعدة البيانات التسلسلية وإنترنت الأشياء وغيرها، في تحسين وتطوير المناهج الدراسية على مختلف المستويات. كما دعوا إلى تطوير المناهج التعليمية وطرق التدريس وأساليبه، من خلال التركيز على تزويد الطلاب بالمهارات الحياتية، والمهارات الرقمية، ومهارات الابتكار والتواصل والعمل التشاركي والتفكير النقدي والإبداعي، والتخصصات المتنوعة، مؤكدين ضرورة عمل المنظومة التعليمية على استشراف الوظائف الجديدة وإعداد الطالب لها.
وتأكيداً على دور المعلم في نقل المعارف والمهارات التكنولوجية والحياتية للطلاب من أجل إنجاح أي تطوير مطلوب في العملية التعليمية، كانت هناك دعوة لإعطاء اهتمام أكبر للبيئة التربوية، والمؤهلات والخبرات الواجب توافرها لدى المعلمين والتربويين لتمكينهم من فهم التوجهات المستقبلية في مجال التربية الابتكارية. كما تم التركيز في هذا السياق على ضرورة فهم الاستراتيجيات التي يمكن توظيفها في نقل التجارب الناجحة، خاصة في التعامل مع التكنولوجيا المتقدّمة الحديثة، وكيفية توطينها والعمل على تطويرها بما ينعكس إيجابياً على العملية التعليمية ويحقق الأهداف الأساسية منها، وهي تسليح المتعلمين بكل المهارات التي يحتاجونها من أجل دخول سوق العمل، وبما يحدث فرقاً حقيقياً لتحسين استعداد الخريجين للمساهمات المهنية والإنسانية، والقيام بدورهم في مسيرة النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها الدولة.
مع الإشارة هنا إلى أهمية الاستفادة من تجارب عالمية ناجحة في هذا الإطار، من بينها على سبيل المثال النموذج الألماني الذي تم عرض أسسه ومبادئه في المؤتمر، على أساس أنه يمكن الاستفادة منه في تطوير منظومة التعليم الوطنية، خاصة فيما يتعلق باستراتيجيات التفكير والابتكار، والتعلم التعاوني والتشاركي، بما في ذلك مبدأ المحاولة والخطأ، الذي يسمح للطلبة بالتفكير بحرية وثقة.
بالمقابل أجمع المشاركون على أن تكون هناك حاجة للتركيز على دور الطالب نفسه، حيث يجب البحث في آليات خلق الدافعية ومثيرات المنافسة لديه، حتى يتمكن من اكتساب المهارات التي يحتاج إليها للانخراط في الحياة العملية، وخاصة مع تنامي التحديات التي يفرضها التنافس في أسواق العمل.
ولا بد هنا من العمل على الربط بين الدراسة الأكاديمية والتدريب العملي والمهارات الوظيفية، وكذلك ربط البرامج الأكاديمية بالشهادات الاحترافية العالمية، مع التركيز على الابتكار كجزء أساسي من حياة الطالب، وربط العملية التعليمية بالتطورات التكنولوجية الحديثة، مع تعزيز الاهتمام باللغة العربية ومنظومة القيم الوطنية الإماراتية كأساس للحفاظ على الهوية الوطنية الإماراتية وتعزيزها، لضمان خلق أجيال تدين بالولاء والانتماء إلى أوطانها، وهو ما يتطلب منح أهمية كبرى لمناهج التربية الأخلاقية في المدارس والتعامل معها بجديّة كبيرة باعتبارها أساساً لبناء منظومة القيم الإيجابية لدى الطلبة.
ونظراً لأهمية دور الأسرة والمجتمع في العملية التربوية وتطويرها، أكد المشاركون ضرورة إشراك المجتمع وأولياء الأمور في العملية التعليمية للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة من المنظومة التعليمية برمتها.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية