منذ مؤتمره الأول حول التعليم في عام 2010، يحرص مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على أن يسلط الضوء على الجوانب المختلفة لقضية التعليم في الدولة من خلال خبراء ومتخصصين وعاملين في الحقل التعليمي من داخل الإمارات وخارجها، وذلك من منطلق إيمانه بدوره، كمركز دراسات وبحوث وطني، في خدمة المجتمع ومساندة خطط التنمية. ولا شك في أن الموضوع الذي يتناوله المركز في مؤتمره السنوي التاسع الذي بدأت فعالياته أمس الثلاثاء وتستمر اليوم الأربعاء تحت عنوان «تعليم متطور لعالم متغير: استراتيجية التعليم لدولة الإمارات العربية المتحدة»، ينطوي على قدر كبير من الأهمية، ليس لأنه يسلط الضوء على أبرز الاتجاهات العالمية لتطوير التعليم للتكيف مع المستقبل فقط، وإنما لأنه يتناول العديد من المحاور التي تدخل في صلب تطوير منظومة التعليم في الدولة أيضاً، كاستراتيجية التعليم لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، والإرشاد المدرسي بصفته ركيزة أساسية للتعليم الحديث. وهذا ما عبر عنه معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، في كلمته الرئيسة أمام المؤتمر التي أكد خلالها أن دولة الإمارات تحرص على أن تكون منظومة التعليم مواكبة للتغيرات المتسارعة التي ترتبط بالثورة الصناعية الرابعة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال العمل على تشجيع الابتكار التكنولوجي، باعتباره العامل الرئيس في التعامل مع هذه التغيرات، ومن خلال إدارة برامج تدريبية رقمية تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي. بينما أكد سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في كلمته الترحيبية أمام المؤتمر، أن دولة الإمارات تولي اهتماماً كبيراً بالتعليم، وذلك من منطلق إيمانها بأنه الأساس الذي تقوم عليه نهضتُها، وهي تعمل على تعزيز دور التعليم من أجل إعداد كوادر بشرية مؤهَّلة وقادرة على التعامل مع أحدث تكنولوجيات العصر.
إن تخصيص «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» مؤتمراً سنويّاً حول التعليم، يعبر عن وعيه بأهمية هذه القضية وضرورة مواكبة التطورات الحادثة فيها على المستوى العالمي من خلال إطار دوري للمناقشة والبحث، يركّز بشكل أساسي على دولة الإمارات، ويفتح نافذة مهمة على تجارب التعليم المتقدمة في العالم، وكيفية الاستفادة منها في تطوير منظومة التعليم في الدولة، وفي هذا السياق، فإن المؤتمر السنوي التاسع للتعليم يستعرض عدداً من التجارب الدولية لتطوير التعليم، مثل: التجارب الألمانية والصينية والأسترالية، وهي تجارب متميزة أسهمت بشكل واضح في نهضة هذه الدول وتقدمها، لأنها استطاعت أن توظف التكنولوجيا الحديثة في تطوير منظومة التعليم، خاصة تطوير المناهج الدراسية، بحيث تسهم في تعليم الطلاب مهارات القرن الحادي والعشرين، وتؤهلهم بشكل فاعل للتكيف مع وظائف المستقبل.
تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة أن التعليم العصري المنتج للمعرفة هو طريق النهوض الذي سلكته كل الأمم في سعيها لتحقيق التقدم، ومن هذا المنطلق تبدي اهتماماً كبيراً بالتعليم، وتعمل على توفير كل ما من شأنه إيجاد نظام تعليمي متطور وفق المعايير العالمية، حتى يكون قادراً على خدمة الأهداف الطموحة للتنمية، وفي مقدمتها إيجاد اقتصاد مبني على المعرفة، وذلك من خلال استراتيجيات طموحة للارتقاء بمنظومة التعليم في الدولة. التعليم هو الرهان الحقيقي للإمارات في انتقالها لمرحلة ما بعد النفط التي تتطلب كوادر مواطنة تمتلك مهارات خاصة، ومتسلحة بالعلم والمعرفة، من أجل إرساء أسس نظام اقتصادي مستدام، ولهذا فإنها تعطي قضية التعليم بأبعادها المختلفة أهميّة محورية، وتعمل على توفير البيئة المواتية لعملية تعليميّة تأخذ بأرقى المعايير العالمية، بما يتواكب مع «رؤية الإمارات2021» التي تستهدف توفير نظام تعليمي رفيع المستوى، يربط الطالب بمجتمع المعرفة، ويبني في الوقت ذاته قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة في المجالات النوعية الدقيقة، والقادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم في مجال التكنولوجيا وثورة المعلومات، وتطويعها لخدمة اقتصاد المعرفة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية