في القمة العالمية للتسامح، التي انطلقت الخميس الماضي في دبي، تناولت إحدى الجلسات دور الحكومات في تشجيع التسامح والتعايش السلمي والتنوع.
وهدف القمة وضع آليات للتسامح، وإشاعة روح الحوار، بغية الوصول إلى رؤى مشتركة، والخروج بتوصيات تسهم بالقضاء على التطرف في العالم، والتطرف هو الفكر المتشدّد الذي يحمله أشخاص ويدعون إليه، ويسعون لاستقطاب أكبر عدد من الناس الأبرياء بعد أن يغرروا بهم.  مجتمع الإمارات هو الوحيد في تعدديته الثقافية على مستوى المنطقة العربية والإقليمية، وتلك حقيقة لا يختلف عليها اثنان. والتسامح المقصود به هنا لا علاقة له بما درجنا عليه (العفو عند المقدرة) البتة، ولا علاقة له بمُخطئ يقابله مُتسامح، إنما المقصود بالتسامح في هذا السياق هو: احترام الآخر المُختلف، وتقبُّله ثقافياً وحضارياً. هذا هو المعادل الموضوعي للكراهية، التي نسعى إلى نبذها والقضاء على مسبباتها الهشة لتناقضها مع السويّة البشريّة. لكن ما الكراهية، وهل لها تعريف محدد، وما أسبابها؟ جولة سريعة على عدد من الثقافات، ستمنحنا الكثير من الإحاطة والمتعة المعرفية. يعتقد كثيرون أن وجود الكراهية «ضروريّ» في حياة البشر، ليميزوا بها المحبة، وكلام كهذا ليس سليماً، تنقصه العلمية وينقصه المنطق، وقائله قاسهُ على (لن تعرف اللون الأسود ما لم تعرف اللون الأبيض قبله). وهذه معادلة خاطئة، فمن دون الكراهية يمكن للإنسان أن يعرف المحبة وبصورة أفضل. ولو رغب بعضنا في تعريف الكراهية، فماذا بوسعه أن يقول؟ الكراهية هي ألاّ تحب، أم إن الكراهية هي التخلص ممن لا تحب ولا ترغب في بقائه حياً على الأرض؟ التعريفات متعدّدة بعدد التنوع الثقافي في المجتمعات البشرية. للقائد الكبير (نيلسون مانديلّا) قوله:(إن الناس يتعلمون كيف يكرهون). وهذا يعني أن الكراهية ليست في أصل الإنسان، ولا في فطرته التي فطره الله عليها، هي مشاعر مصحوبة باشمئزاز شديد، أو نفور تتلوه عداوة. البعض عنده أن الكراهية هي عدم تعاطف مع شخص ما أو شيء ما، وبعض آخر يعزوها إلى رغبة في تجنب أو عزل أو نقل أو حتى تدمير (الهدف) المكروه كائناً من كان ! وهنا نوشك على الاقتراب من فكر (داعش). بعض ثالث يعتقد أن الخوف أحياناً يُفضي إلى الكراهية، فإن خاف الإنسان من غرض معين أو ماض سلبيّ أو من شخص بعينه، فإن هذا الخوف يدفعه بمرور الوقت إلى الكراهية. المفكر النمساوي سيجموند فرويد، يفسر الكراهية بأنها (رغبة الشخص في تدمير مصدر تعاسته أو حزنه)، وقد يكون هذا المصدر كائناً بشرياً أو طيراً أو مكاناً. تأمل تنظيم «داعش» ماذا يكره؟ أعضاء التنظيم يدمرون الآثار والحضارة البشرية. إن جوانب الماضي المضيئة تمثل بالنسبة للمتطرف مشنقة أليمة، عليه التخلص منها. أرسطو الفيلسوف يقول: إن الكراهية هي الرغبة في إبادة الكائن المكروه. مقطع القول: بالمحبة تتخلص من الكراهية، فأنت إن لم تحب نفسك لن تحب الناس والحياة التي تستحق أن تعاش بالتسامح على الأرض.