يعكف وادي السيليكون على البحث منذ سنوات عن انفراجة كبيرة تالية. والأنشطة الاقتصادية المبتكرة التي دُشنت منذ عقد من الزمن مثل أوبر وAirbnb أصبحت أخيراً تجني أموالاً وتتقدم نحو عمليات الطرح العام لأسهمها لكن بعد سنوات من المعارك الحامية مع الجهات المنظمة وتحديات تشغيل مكلفة. وهيمنة «فيسبوك» وجوجل وآبل وأمازون جعلت ظهور شركات ناشئة على الساحة أمراً صعباً. وتأثير التكنولوجيا الصاعدة القوية التي تحظى بإشادة كبيرة مثل الذكاء الاصطناعي وكتل البيانات المتسلسلة تميزت بتقدم تدريجي وليس بقفزات.
ويرى المحلل «بنديكت إيفانز» من شركة أندريسن هورويتز «أنه برغم هذه التحديات، فإن المجتمع في قلب موجة كبيرة من الابتكار وهناك المزيد المرتقب». وفي عرضه السنوي للبيانات الذي يعتبره البعض وسيلة لاستشراف ما يأتي به المستقبل في وادي السيليكون، سار «إيفانز» بين تقريظ التكنولوجيا وتوخي الواقعية. فقد أشار إلى أن شركات التكنولوجيا نجحت في وضع الهواتف المحمولة في يد الجميع وربطت الناس بمواقع التواصل الاجتماعي لكنها لم تبل بلاء حسناً بالقدر نفسه في إقناع الناس بالتسوق أو إجراء عملياتهم المالية من خلال هذه المنصات. فهناك خمسة في المئة فقط من إنفاق المستهلكين يجرى عبر الإنترنت.
ويرى «إيفانز» أن هذا يعني أننا في بداية انفراجة أو في «نهاية البداية وليس في النهاية». لكن خبراء التجارة الإلكترونية يشككون في احتمال انتقال كل التجارة إلى الإنترنت، أو إلى الهواتف المحمولة، لأن المستهلكين يفضلون ببساطة التسوق بحضورهم المادي في المكان. وأشار «إيفانز» أيضاً إلى أن شركات التكنولوجيا الشهيرة التي ظهرت في تسعينيات القرن الماضي، وفي العقد الأول من القرن الحالي مثل «جوجل» و«فيسبوك» وغيرها، ركزت على تبويب كميات هائلة من المعلومات لعرضها على الناس بوسائل أكثر كفاءة.
وذكر أن هناك مجموعة جديدة من الشركات أصبحت تقدم الخدمات، بالإضافة إلى هذا التبويب للمعلومات. فإذا كانت شركة زيلو Zillow، على سبيل المثال، قدمت تبويباً للعقارات ويسرت المقارنة بينها، فإن مشروع أوبن دور OpenDoor الذي عمره خمس سنوات فقط يشتري ويبيع العقار الذي تريد. وأوبر لا تبوب السيارات المتاحة للسفر فحسب بل تستخدم الهواتف المتصلة بالإنترنت والبرامج التي تمكنها من تحديد المكان لتخلق أنواعاً جديدة من العمليات والقيمة في العالم المادي. وأصبح هناك شركات تقوم بدور التأمين والإقراض وتقديم الائتمان، وكانت مثل هذه الشركات حتى وقت قريب تنظم فقط المعلومات المالية.
وهذه الأنشطة الاقتصادية الممتدة من العالم الرقمي إلى العالم المادي واجهت تحديات هائلة في مسعاها لتخطي العالم الرقمي. ونموها أبطأ من الأنشطة السابقة، لأن خدماتها تتطلب دعماً لوجستياً كبيراً وكلفة تنظيمية كبيرة. ويؤكد «إيفانز» أننا ننتقل من نماذج اقتصادية لم تكن تحتاج الكثير من المال إلى نماذج اقتصادية تحتاج الكثير من رأس المال.
 
إليزابيث دوسكي
صحفية متخصصة في التكنولوجيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»