طالبت منظمة العفو الدولية، منذ أيام، السلطات الإيرانية بالإعلان عن مصير المئات من المعتقلين من أبناء القومية العربية (الأحواز) جنوب البلاد، ويبرهن هذا الأمر على مدى معاناة شعب إقليم الأحواز العربي الذي يرزح تحت الاحتلال الإيراني منذ عام 1925م، ولا يتمتع بالحماية الأمنية الضرورية لأفراده ناهيك عما يقوم به النظام الفارسي المحتل من سياسات تهدف في المقام الأول، لوأد الهوية العربية للأحواز المحتلة التي تقع على رأس الخليج العربي بالقرب من جنوب العراق والكويت. ويعود تاريخ إقليم الأحواز إلى العهد العيلامي 4000 ق.م وقد استوطنت فيه قبائل عربية شهيرة تضم بني كعب وبني كنانة وخزرج وربيعة والأوس والخزرج، منذ مئات السنين حيث ازدهر الإقليم في عهدهم من كافة النواحي الزراعية والاقتصادية مما جعله مطمعاً للفرس. فالإقليم يضم ثروات هائلة من النفط والغاز، إضافة لاحتوائه على ما يقارب 35 بالمائة من مخزون المياه في إيران. كما يشتهر الإقليم بطبيعته الجغرافية الفريدة، حيث تنتشر الأنهار وأشهرها نهر كارون، مما منح أرضه إضافة لكونه مصدراً للعديد من المحاصيل الزراعية. ومنذ الاحتلال الفارسي للأحواز تقوم طهران بتنفيذ استراتيجية شاملة لتغيير كافة ما يتعلق بعروبة الإقليم وتحويله إلى الهوية الفارسية، ومثال ذلك تغيير الأسماء العربية لمدن الإقليم إلى أخرى فارسية ومنع الشعب العربي الأحوازي من التعلم باللغة العربية وإجباره على التعلم باللغة الفارسية، وحظر ارتداء الثياب العربية في الدوائر الحكومية إضافة إلى منع العرب تسمية أطفالهم بأسماء عربية. كما تقوم السلطات الإيرانية بتطبيق سياسة التهجير الجماعي من الإقليم وقمع أي محاولة من الشعب العربي الأحوازي للمطالبة بحقوقه الوطنية في السيادة على أرضه.
شعب الأحواز وقع ضحية الإرهاب والسياسات العدائية التي تمارسها إيران في العديد من الدول العربية. فمن المعلوم أن إيران تدعم جماعة «الحوثي» الإرهابية ضد الشرعية في اليمن كما تدعم «حزب الله» الإرهابي الذي يعمل ليل نهار على إضعاف الداخل اللبناني. كما تدعم طهران النظام السوري في حربه ضد الشعب السوري، وقام الحرس الثوري الإيراني باحتلال مناطق سورية شاسعة إضافة للدعم الإيراني القوي لجماعة «الحشد الشعبي» في العراق والتي تعمل على تصفية السُنة العراقيين وبث بذور الفتنة الطائفية هناك.
والأمر المثير للسخرية هو وصف «المرشد الأعلى» في إيران علي خامنئي لمسيرة بلاده الحافلة باحتلال أراضي الغير، وممارسة الأنشطة الإرهابية ضد شعوب دول الجوار بأنها «طريق التقدم والازدهار للشعب الإيراني» في الوقت الذي تستمر فيه طهران بممارسة سياساتها الإرهابية داخل وخارج إيران، مما يضع العديد من علامات الاستفهام على مستقبل أمن واستقرار شعوب المنطقة في ظل التعنت والإرهاب الإيراني وخاصة في ظل إعادة فرض العقوبات الأميركية الاقتصادية على النظام الإيراني بسبب تلك السياسات الإرهابية، مما سيكون له أسوأ العواقب على الشعب الإيراني بشكل عام وشعب إقليم الأحواز المحتل بشكل خاص.
*باحث إماراتي