في ظل تعزيز الجمهوريين لأغلبيتهم في مجلس الشيوخ الأميركي، واحتفال الديمقراطيين بالفوز في مجلس النواب، تتابع إسرائيل النتائج بترقب. فسيطرة الحزب الديمقراطي على مجلس النواب تثير قلقاً متزايداً في إسرائيل من تغير الموقف الأميركي منها وبالذات في ضوء الالتحام بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة دونالد ترامب، مستشعرةً عهد الرئيس السابق باراك أوباما عندما ساءت علاقة إدارته مع نتنياهو.
يتخوف الإسرائيليون من تأثير خسارة الرئيس ترامب لمجلس النواب على الشأن الداخلي الأميركي، وبالتالي تقييد يديه، ما قد يدفعه لإبداء مزيد من الاهتمام بالشؤون الخارجية، مع توقع بعض التحول في موقفه المتطابق حتى الآن مع موقف الحكومة الإسرائيلية. وفي هذا، يقول السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن «مايكل أورن»، الذي يتولى حالياً منصب نائب وزير في مكتب نتنياهو، إن «سيطرة الحزب الديمقراطي قد تعجل بإعلان ترامب عن (صفقة القرن). على إسرائيل الآن أن تركز على استعادة ثقة الديمقراطيين بها، وكذلك ثقة اليهود الليبراليين في الولايات المتحدة، والتي تزعزت بشدة في فترة رئاسة أوباما».
من جانبه، يقول الضابط الإسرائيلي السابق أفرايم غانور: «سيتفرغ ترامب لشؤون منطقتنا مثلما سبق أن وعد: حان دور إسرائيل لأن تدفع. الفلسطينيون سيحصلون على شيء ما جيد مقابل الاعتراف بالقدس وبنقل السفارة إليها كعاصمة لإسرائيل. ليس مصادفة أن أرسل ترامب سراً صديقه رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رون لاودر لإقناع كبار مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية بالعودة إلى طاولة المباحثات».
أما «ليؤر فاينتروب»، مدير المنظمة الإعلامية «مشروع إسرائيل» والناطق باسم سفارة إسرائيل في واشنطن ورئيس طاقمها سابقاً، فيقول: «من الأفضل أن يستعدوا في تل أبيب لوقت سيركز فيه ترامب على (صفقة القرن). السيطرة الديمقراطية ستخلق واقعاً بالنسبة لإسرائيل إذا لم تستعد له بصورة ملائمة يمكن أن يبدو كصدمة. لذا من المهم جداً المحافظة على شبكة علاقات بمن يدور في دائرة أصدقاء إسرائيل في عهد ترامب. وما لا يقل أهمية هو إيجاد السبل للتحاور مع الجمهور الديمقراطي الذي كان مستاءً من التقارب بين حكومة إسرائيل وإدارة ترامب. يجب أن نفعل هذا كله بهدف تعزيز التأييد لإسرائيل من قبل الحزبين ومنع إسرائيل من الدخول في خلاف سيئ ومدمر خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة. من المهم جداً أن نتذكر أن قوة إسرائيل ناجمة عن حسن علاقاتها بالدولة العظمى والأقوى في العالم».
ورغم ذلك، ومع قلق إسرائيل من دخول نواب جدد معروفين بمواقفهم المنتقدة لها، فإن موقف الديمقراطيين من إسرائيل سيحدده اختيار رؤساء لجان الكونغرس من بين الأعضاء المنتقدين لإسرائيل. فإذا ما تم تعيين هؤلاء في لجان مختصة بالشؤون الأميركية الداخلية، فهذا مؤشر على أن الحزب الديمقراطي غير معني بالمواجهة مع إسرائيل. وفي هذا السياق، جاءت اللقاءات التي أعلنت عنها «يديعوت أحرونوت» بين القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك «داني دايان» ومعظم من تم انتخابهم أعضاءَ في الكونغرس عن ولايات نيويورك ونيوجيرسي وبنسلفانيا، من أجل بناء علاقات عمل معهم، فضلاً عن تنظيم لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «أيباك» (اللوبي الصهيوني الأبرز في واشنطن) لقاءات مع كافة من كانوا مرشحين للكونغرس.
وفي المقابل، نشر المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إيتمار آيخنر، تقريراً جاء فيه: «الشريحة السكانية الشابة في الولايات المتحدة ترى في إسرائيل الجانب السيئ من الصراع. وبكلمات أخرى، فإن قوة الناخبين الديمقراطيين في الولايات المتحدة تتعزز تمهيداً للانتخابات الرئاسية القادمة، وعلى نتنياهو أن يستعد لإمكانية أن يخسر صديقه في البيت الأبيض لصالح مرشح ديمقراطي». وذكر التقرير أن «79% من يهود الولايات المتحدة صوتوا في الانتخابات النصفية إلى جانب الديمقراطيين، وغالبيتهم لا يرون في إسرائيل عاملاً مؤثراً على طريقة تصويتهم. فهم يهتمون بإسرائيل بدرجة أقل، وتقلقهم أكثر المشاكل الداخلية الأميركية، وخاصة الاجتماعية». كذلك، تتخوف إسرائيل من إنجاز منظمة «جي ستريت»، الرافضة لسياسة الاحتلال الإسرائيلي بعد فوز أكثر من 120 مرشحاً ممن دعمتهم في الانتخابات لمجلس النواب. ?ويقول ?رئيس ?المنظمة «جيرمي ?بن ?عامي»: «?حقيقة ?أن ?الناخبين ?أطاحوا ?بكثيرين ?من ?حلفاء ?الرئيس ?ترامب، ?تعني ?أن ?الأميركيين ?قالوا ?لا ?للكراهية ?ولا ?للعنصرية ?ولا ?لخيار ?الحرب ?في ?الشرق ?الأوسط. ?لقد ?انتخبوا ?كونغرساً ?يعمل ?بمسؤولية ?للجم ?الرئيس ?ترامب ?وسياسته»?. ?
وفي ?السياق ذاته تقريباً، ?يقول ?المحلل ?السياسي ?الإسرائيلي «حيمي ?شاليف»: «?في ?إسرائيل ?سيأسفون ?على ?تفكك ?المثلث ?المتجانس ?بين ?الرئيس، ?ومجلس ?الشيوخ، ?ومجلس ?النواب، ?المؤلف ?من ?مؤيدين ?لنتنياهو، ?وبالطبع ?سيظهر ?الآن ?مثيرون ?للهلع ?يحذرون ?من ?اليسار ?المعادي ?لإسرائيل ?الراديكالي ?المسيطر ?على ?الحزب ?الديمقراطي ?بمساعدة ?منظمة ?جي ?ستريت، ?والصندوق ?الجديد ?وجورج ?سوروس»?. ?ويضيف: «?عملياً، ?من ?الصعب ?الافتراض ?بأن ?شيئاً ?سيتغير ?ضد ?مصلحة ?نتنياهو ?وحكومته. ?لكن ?صحيح ?أن ?هامش ?حرية ?الرئيس ?سيصبح ?أضيق، ?ومن ?المحتمل ?أن ?تُسمع ?أصوات ?انتقادات ?أقوى ?ضد ?أعمال ?إسرائيل ?في ?غزة ?والمناطق الفلسطينية الأخرى»?.
وبالإجمال، لخص الوضع الكاتب الإسرائيلي «ابراهام بن تسفي»، فقال: «سيثبت المستقبل القريب القادم إلى أين تتجه وجهة البيت الأبيض. سيضطر الرئيس الـ45 إلى تبني نهج أكثر برغماتية يضمن الحدود الوسط مع الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب. فالبديل عن ذلك سيكون نزالاً في وضح النهار بين أرجاء الكونغرس، الأمر الذي من شأنه أن يربك عملية التشريع ويضع علامة استفهام على قدرة حكم ترامب في السنتين القادمتين».