نادراً ما نسمع، نحن سكان كاليفورنيا عن الفيضانات، لأن موجات الجفاف المستمرة تجعلنا كما لو أننا لم نر في حياتنا قطرة من مياه الأمطار. ويستمر الحال هكذا حتى تصل الحرائق. فرياح «سانتا آنا» التي تأتي مزمجرة من الصحراء الغربية في مثل هذا الوقت من العام وصلت يوم الخميس الماضي. وقد جلبت معها هذه المرة حرائق هائلة، وعالماً انقلب رأساً على عقب. ولا أحد يعرف حتى الآن كيف تبدأ الحرائق. فألسنة اللهب تندلع في نفس الوقت تقريباً في العديد من الأخاديد التي تمتد مثل الأصابع في وادي سان فرانسيسكو. وكان يتعين على ما يقرب من ربع مليون نسمة من سكان شمال لوس أنجلوس الإخلاء.
وقد تمكن كثيرون من الهروب من طريق كاليفورنيا، ولكننا مكثنا هناك، حيث توقفت حركة المرور لساعات، لأن الطرق السريعة الشهيرة، مثل طريق ساحل المحيط الهادئ على طول المحيط كانت مغلقة من جهتي الشمال والجنوب لإفساح الطريق أمام سيارات المطافئ.
واجتاحت النيران مساحات شاسعة من الأحياء الراقية والمطاعم ومزارع الخيل ومزارع الكروم، حيث كانت ألسنة اللهب تتطاير على عشر حارات من طريق 101 السريع في طريقها إلى ماليبو، 15 ميلاً غرباً.
ربما لا تبدو رياح بسرعة 50 ميلاً في الساعة، وكأنها بلغت حد الإعصار، لكن عندما تدفع جدار بارتفاع 40 قدماً من النيران إلى شوارع الضاحية، فستعلم أنها مشكلة. لقد توفي شخصان في مقاطعتي لوس أنجلوس وفينتورا. أما عند جيراننا في الشمال، ضحايا «حريق كامب»، فقد كان الوضع أسوأ بكثير، حيث لقي ما لا يقل عن 30 شخصاً حتفهم في أسوأ عاصفة مدمرة في تاريخ كاليفورنيا، والكثيرون منهم كانوا محاصرين في سياراتهم، بينما كانوا يحاولون الفرار من النيران. وأصبح أكثر من 200 شخص في عداد المفقودين. أما بلدة «باراديس» في سيرا نيفادا، فقد اختفت، وتلاشى 6700 مبنى، معظمها منازل، في أقل من بضع ساعات. مئات من المنازل وذكريات لا حصر لها باتت ترقد في الرماد. وعندما تُجبَر على التخلي عن حياتك الطبيعية بهذه السرعة، يصعب عليك النوم. بيد أن هناك مزايا مثل أن ترى من حولك يجتمعون لمساعدة بعضهم بعضاً كما لم يحدث من قبل، فإن هذا يشد من عزمك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»