تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، وإمارة أبوظبي على وجه التحديد، من تحقيق منجزات نهضوية بارزة، اعتمدت فيها على مصادرها من الثروات الطبيعية، خاصة في قطاع الغاز، بوصفه نقطة الانطلاق نحو النهضة العملاقة التي تقودها الإمارة في نواحي حياتها كافة، إذ تشهد الإمارة طلباً متزايداً على الغاز، بهدف سد الاحتياجات الكبيرة في صناعة البتروكيماويات وحديد التسليح والألومنيوم وتحلية المياه، الأمر الذي حدا بحكومة أبوظبي للعمل على اعتماد خطة استراتيجية لتنفيذ المشاريع العملاقة واستكشاف حقول الغاز الجديدة وغير التقليدية. وضمن هذا الإطار جاء استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لباتريك بويانيه، رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لشركة «توتال» الفرنسية، وبحث سموه إمكانات وفرص التعاون بين «توتال» ونظيراتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، من الشركات المتخصصة في مجالات الطاقة وتطوير قطاع الغاز، لكونه قطاعاً حيوياً ومهماً في مختلف الجوانب، مباركاً سموه اتفاقية الامتياز الاستراتيجي التي وقعتها شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» مع شركة «توتال» في حوض غاز «الذياب» في منطقة الرويس، لاستكشاف وتقييم وتطوير موارد الغاز غير التقليدية، والتوجه نحو إنتاج مليار قدم مكعبة يومياً من تلك الموارد، قبل عام 2030.
إن اهتمام القيادة الرشيدة في إمارة أبوظبي، بتطوير قطاع الغاز، ينبثق من سعي الإمارة إلى توفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي، انطلاقاً من إيمانها بأهمية الغاز كطاقة نظيفة وفعالة، ودوره المهم في تنويع مصادر الطاقة وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لمداخيلها الاقتصادية، وذلك من خلال استثمار مليارات الدولارات في مشاريع الغاز التي عملت «أدنوك» عليها في سبيل نقل ومعالجة الغاز، وضخه في الشبكة الوطنية التي تغذي إمارة أبوظبي، والإمارات الأخرى لاستخدامه.
ويعدّ توقيع «أدنوك» اتفاقية الامتياز مع «توتال» التي تحصل الأخيرة بموجبها على حصة 40% في امتياز حوض غاز «الذياب»، لاستكشاف وتقييم وتطوير موارد الغاز غير التقليدية، خطوة مهمة ومؤثرة في طريق إنتاج الغاز، بوصفه الامتياز الأول من نوعه في المنطقة الذي تم منحه بالنسبة إلى الموارد غير التقليدية، حيث قال معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة، الرئيس التنفيذي لشركة «أدنوك» ومجموعة شركاتها، إن الاتفاقية «تتماشى مع توجيهات القيادة بضمان أمن الطاقة وتعزيز القيمة وزيادة العائد الاقتصادي من الموارد الهيدروكربونية، كما تمثل خطوة مهمة ضمن جهود تطوير موارد الغاز في أبوظبي، فيما نعمل على تنفيذ هدفنا الاستراتيجي بتوفير إمدادات اقتصادية مستدامة من الغاز في دولة الإمارات».
إن إمارة أبوظبي، ومن خلال توجيهات قيادتها الرشيدة، وحرص مؤسساتها المعنية بتطوير وتنويع مصادر الطاقة، تواصل الاهتمام بتطوير أعمالها في قطاع الغاز، وذلك بهدف تحقيق أقصى قيمة من احتياطيات الغاز غير التقليدية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في الدولة، والتحول مستقبلاً إلى مصدّر للغاز، كل ذلك مدعوم بالرغبة التي يبديها الشركاء بشكل متواصل ومتجدد في المشاركة في مناطق امتيازات النفط والغاز غير التقليدية في أبوظبي، وهو ما استدعى من «أدنوك» مواصلة جهودها في تعزيز خبراتها ومعرفتها في مجال استكشاف وتطوير موارد الغاز غير التقليدية، سعياً إلى رفع الكفاءة في مجال الحفر والتكسير الهيدروليكي، وتحقيق أقصى قيمة ممكنة من تلك الموارد.
لقد أدركت الشركات العالمية أهمية أحواض الغاز غير التقليدية في أبوظبي، ودورها في تحقيق أقصى الطموحات الممكنة في العمل على تطويرها والاستفادة من ثرواتها من الغاز، حيث قال «باتريك بويانيه»، إن «حوض غاز الذياب يمتلك إمكانات تنافس تلك التي توفرها أحواض الغاز الصخري في أميركا الشمالية، لذلك فهو يُعد إضافة مميزة إلى محفظتنا الاستكشافية»، الأمر الذي يشير إلى أن «توتال» التي تعدّ رابع أكبر شركة للنفط والغاز في العالم، تدرك القيمة المضافة لأبوظبي في تغطية أعمال الشركة في مجالات البحوث والاستكشاف والتطوير والإنتاج، والنقل والشحن والتكرير والتسويق في أسواق آسيا وأفريقيا وروسيا والشرق الأوسط والولايات المتحدة وبحر الشمال.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية