في ظرف أسبوع واحد، عاشت بلادنا موجة من الهجمات التي تحركها الكراهية: قتل أميركيين أفريقيين في متجر في كينتاكي، ومحاولات الاغتيال باستخدام طرود ناسفة، والقتل الجماعي في كنيس بمدينة بيتسبرغ. هذه الهجمات تُظهر على نحو مأساوي أن الإرهاب الداخلي آخذ في الازدياد في وقت يدفع فيه الاستقطاب السياسي، وغرف الصدى الملأى بالكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي الناس إلى التطرف. وبينما نؤبن أولئك الذين سقطوا في كنتاكي وبيتسبرج، علينا أن نعترف بأن مثل هذه المآسي تسلط الضوء على فراغ خطير في محاربة الإرهاب ما فتئ يتفاقم مع مرور الوقت، التركيز غير الكافي من قبل الحكومة الفدرالية على تهديد الإرهاب الداخلي.
في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، طوّرت الحكومة جهاز محاربة الإرهاب الحالي، والذي كان ناجحاً إلى حد كبير في الحؤول دون تنفيذ هجمات ضد بلدنا، غير أن التهديدات التي نواجهها الآن ستأتي على الأرجح من أفراد متطرفين وعنيفين هنا في الوطن. وعلى غرار حالنا عقب 11 سبتمبر، رداً على الإرهاب الأجنبي، فإننا في حاجة إلى مقاربة استراتيجية لهذا التحدي الأمني الداخلي.
وفي هذا الإطار، ينبغي على البيت الأبيض أولاً تطوير جهود منسقة بين الوكالات تركز على التطرف الداخلي. وتتمثل الخطوة الأولى في إعادة منصب مستشار الأمن الداخلي في البيت الأبيض إلى وضعه الأصلي. فمثلما كان مصمَّماً له في أعقاب 11 سبتمبر، فإن هذا المنصب كان يخضع لسلطة الرئيس مباشرة وكان يتمتع بسلطات مهمة من أجل التنسيق مع المسؤولين من مستوى أعضاء في الإدارة قصد مواجهة كل التهديدات الأمنية الداخلية. ولكن استعادة التنسيق والقيادة الضروريين في البيت الأبيض لا يكفي، إذ يجب على الإدارة أيضاً أن تضع التركيز المناسب على التهديدات الحالية. وفي هذا الصدد، ينبغي عليها البدء بإعادة التمويل الأساسي للبرامج التي تحارب التطرف العنيف بكل أشكاله – بما في ذلك التطرف اليميني. فهذا التمويل تراجع خلال العامين الماضيين، والمخصصات المرصودة للمنظمات التي تركز على عنف اليمين المتطرف والعنصريين البيض سُحبت من ميزانيات الإدارة. والحال أننا نحتاج لمزيد من التركيز على التطرف الداخلي – وليس أقل، وعلى أسبابه، وعلى ما تستطيع أجهزة فرض القانون ومجتمعنا فعله من أجل تحديد مكانه ومنعه.
وعلينا أيضاً أن ندرك دور التكنولوجيا في نشر التهديد الداخلي وتأجيجه. إذ مثلما اختطف تنظيم «داعش» منصات التواصل الاجتماعي لدفع الناس إلى التطرف عبر العالم، فإن بعض الأشخاص من أصحاب التظلمات الداخلية يستغلون المنصات لنشر الكراهية هنا في الولايات المتحدة. ولهذا، يتعين على الحكومة الفيدرالية التعاون والعمل عن قرب مع شركات التواصل الاجتماعي، التي خطت خطوات مهمة على طريق محاربة وإزالة محتوى التنظيمات الإسلامية المتطرفة من على منصاتها، وتشجيعها على القيام بالشيء نفسه مع المحتوى المتطرف الداخلي.
وأخيراً، على الإدارة أن تحرص على أن يكون لدى الفريق المعني بالإرهاب الداخلي في وزارة العدل – الذي أنشئ بعد تفجير أوكلاهوما سيتي عام 1995 وأعيد تنشيطه في 2014 – الإمكانيات والموارد التي يحتاجها لتنسيق عمل المحققين وممثلي الادعاء العام عبر البلاد. هذا الفريق أثبت فعاليته، حيث أرسل رسالة واضحة مفادها أن العنف الذي تحركه دوافع إيديولوجية سيقابَل بعدالة سريعة. باختصار، ينبغي على الإدارة أن تحذو حذو الحكومة البريطانية، التي صنفت اليمين المتطرف مؤخراً باعتباره تهديداً رئيساً للأمن الوطني، وأقرت عمليات محاربة الإرهاب من أجل مواجهة ذاك التهديد على نحو أفضل.
 
ليزا موناكو
مستشارة أوباما في الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب
كِن وينشتاين
مستشار سابق لبوش الابن في الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»