لو كان الأمر منوطاً بالرئيس دونالد ترامب، لتمحورت الانتخابات النصفية التي جرت أمس حول كبح الحق في الجنسية المكتسب بالولادة، ووقف القافلة المؤلفة من آلاف المهاجرين من أميركا الوسطى التي تشق طريقها ببطء نحو حدود الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، يؤثِر «الديمقراطيون» إمضاء وقتهم في الدفاع عن «أوباماكير» والدعوة إلى شبكة سلامة أكثر سخاء.
الحقيقة الصعبة هي أن الهجرة ومصير شبكة السلامة ليسا موضوعين منفصلين، بل مترابطين جداً، على نحو يطرح بعض التحديات بالنسبة للحزب «الديمقراطي» – تحديات ستزداد وضوحاً أكثر في المقبل من السنوات. ذلك أن معظم «الديمقراطيين» مقتنعون بأن مهمة الحكومة، في عصر ترحيل الخدمات والأتمتة، وفي وقت باتت فيه أجور الطبقة العاملة تتعرض لضغط تنافسي قوي، هي المساعدة على سد الهوة بين الأسر الأميركية ذات الدخل المنخفض والأسر ذات الدخل المتوسط على كسب ما تحتاجه من أجل عيش حياة كريمة، بيد أن الكثير من «الديمقراطيين» يعتقدون أيضاً أن علينا – كبلد – أن نفتح حدودنا للمهاجرين الذين لا يجيدون المهارات المطلوبة في اقتصاد ما بعد الصناعة. ولكن اللافت هو أنه عندما نرحب بهؤلاء القادمين الجدد في مجتمعنا، فإن الكثير منهم - إن لم يكن معظمهم - سيحتاجون إلى «ائتمانات ضريبية قابلة للاسترداد»، ومساعدات غذائية حكومية، و«ميديك-إيد» وبرامج حكومية أخرى حتى لا يقعوا في الفقر.
وإذا كنت تعتقد أن اقتصادنا الحيوي – وهو اقتصاد سوق – قد بخس عمل العمالة منخفضة المهارات كثيراً لدرجة أننا بتنا في حاجة إلى حكومة أكبر، فإن الاعتقاد بأن علينا أن نستقبل، من دون قيود، عمالاً أجانب ذوي مهارات منخفضة يبحثون عن حياة أفضل، يؤدي إلى نتيجة غير مريحة. إذ سنصبح في وضع من شأنه توسيع صفوف الأشخاص الذين يجدون أنفسهم عالقين في أسفل مجتمعنا الطبقي، والذين سيكون لهم الحق بالتالي في المطالبة بجزء من مواردنا العامة.
وعلى نحو يمكن تفهمه، يعترض كثير من «الديمقراطيين» على الوصف المبالغ فيه الذي يصف به ترامب حزبهم باعتباره مؤيداً لـ«الاشتراكية مُشرّعة الأبواب». غير أن «الديمقراطيين» يجدون أنفسهم منخرطين في نوع من المزايدة اليسارية. فالسيناتور كوري بوكر (الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي) يدعو إلى تخصيص 50 ألف دولار كمدخرات للأطفال الفقراء. والسيناتورة «كمالا هاريس» (الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا) تدعم «ائتماناً ضريبياً قابلاً للاسترداد» لمحاربة الفقر سيكلف، وفق «مؤسسة الضريبة» المحسوبة على يمين الوسط، 2.7 تريليون دولار على مدى العقد المقبل.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»