شهد صيف عام 2018 سيلاً غير مسبوق من الفيضانات وموجات الجفاف والحرارة، واندلعت حرائق الغابات في أرجاء أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.. فيما يمثل أحد أوجه التغير المناخي.
والأمر لا يحتاج إلى تكنولوجيا معقدة، فزيادة درجة حرارة المحيطات تؤدي إلى تبخر المزيد من الرطوبة إلى الغلاف الجوي، مما يؤدي بدوره إلى فيضانات وعواصف شاطئية وأعاصير، مثل «هارفي» و«فلورينس». وزيادة درجة حرارة التربة، تؤدي إلى تبخر مزيد من الرطوبة إلى الغلاف الجوي، ومن ثم تحدث موجات جفاف، كما حدث في كاليفورنيا أو سوريا. وتشير التحولات في درجة حرارة الأرض إلى قياسات مرتفعة، وهو ما يؤدي لحدوث موجات حرارة شديدة ومتكررة، مثلما حدث أثناء صيف 2018 في معظم مناطق نصف الكرة الشمالي. ومع الحرارة والجفاف، تنتشر حرائق الغابات.
لقد أضحى علماء المناخ يتحدثون بارتياح أكبر بشأن تلك الارتباطات، فكما طورت العلوم الطبية أدوات تشخيص متطورة، طور علماء المناخ أدوات متطورة لقياس مدى تأثير التغير المناخي على حالات الطقس المتطرف. ومن تلك الأدوات «تنسيب الحادث المتطرف»، والذي يمكن اعتباره نسخة خاصة بعلوم المناخ من «أشعة إكس».
وفي دراسة حديثة نشرتها دورية «ساينس أدفانسز»، حددت أنا والمؤلفان المشاركان معي عاملاً رئيساً وراء الارتفاع في حالات الطقس المتطرف خلال الصيف، وهو عامل لا تأخذه نماذج الجيل الحالي للتغير المناخي في الاعتبار. وباستخدام نهج يعتمد على نماذج وملاحظات في العالم الواقعي، أوضحنا أن التغير المناخي يجعل «التيار الصيفي المتدفق» يحدث بغرابة شديدة. فالتعاريج المميزة على الصعيد القاري «للتيار الصيفي المتدفق» (تموجاته) أصبحت أكثر وضوحاً أثناء تدفقها من الغرب إلى الشرق، وهي تميل للبقاء محاصرة في بعض الأماكن لفترات أطول.
وفي ظل هذه الظروف، عندما تظل «قمة ضغط مرتفع» محاصرة فوق كاليفورنيا أو أوروبا، نشاهد حرارةً وجفافاً ومن ثم حرائق غابات. وعلى النقيض، عندما يظل «مُنخفض ضغط متدني» شديد محاصر فوق شرق الولايات المتحدة أو اليابان، فإن ذلك يؤدي إلى أمطار غزيرة وفيضانات. وهذا بالتحديد ما حدث في صيف 2018. والطقس المتطرف، من فيضانات وجفاف وحرارة وحرائق.. كان نتيجة لسلوك «التيار الصيفي المتدفق».
وتظهِر دراستُنا أن التغير المناخي يجعل ذلك السلوك أكثر شيوعاً، وهو ما أدى إلى موجة الحر الكارثية في أوروبا عام 2003، والتي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف شخص، وإلى الجفاف المدمر في تكساس عام 2011، والذي أدى إلى خسارة المزارعين في أوكلاهوما وتكساس زهاء 24? و17? على التوالي من قطعان ماشيتهم، وحرائق الغابات في ألبرتا، والتي كانت الكارثة الطبيعية الأكثر تكلفة في تاريخ كندا.. أضف إلى ذلك الصيف المتطرف في عام 2018.
ومثلما تقلل نماذج التغير المناخي بشكل كبير من شأن تأثير التغير المناخي على حالات الطقس المتطرف، فإن التوقعات من خلال تلك النماذج تقلل كذلك من شأن الزيادات المستقبلية في هذه الأنواع من حالات الطقس. وتشير دراستنا إلى أنه من الممكن أن نتوقع مواسم صيفية أخرى مماثلة لصيف 2018 أو أشد سوءاً.
ويحب منكرو التغير المناخي الإشارة إلى الشكوك العلمية كمبرر لعدم تحريك ساكن بشأن المناخ. لكن تلك الشكوك هي سبب لتحرك جماعي منسق. وتتزايد تبعات عدم التحرك يوماً بعد آخر، لذا فوقت التحرك هو الآن!

مايكل مان
أستاذ علوم الجو في جامعة بنسلفانيا
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»