في حال لم تنتبه إلى ذلك، فإن الأميركيين وسط موجة جرائم كراهية. ففي غضون الأيام القليلة الماضية فقط، أُرسلت طرود ناسفة إلى عدد من الشخصيات «الديمقراطية» البارزة، إضافة إلى قناة «سي إن إن». وبعد ذلك، قام مسلح بقتل 11 شخصاً في كنيس بمدينة بيتسبرج. وفي الأثناء، قَتل مسلح آخر أميركيَين من أصول أفريقيَة بمتجر بمدينة لويسفيل، بعد أن حاول عبثاً اقتحام كنيسة للسود في البداية – ولو أنه تمكن من الدخول إلى هناك قبل ساعة، لشهدنا ربما عملية قتل جماعي أخرى. ويبدو جلياً أن كل جرائم الكراهية هذه مرتبطة بمناخ الارتياب والعنصرية اللذين يغذّيهما دونالد ترامب وحلفاؤه في الكونجرس والإعلام.
والواقع أن قتل الأشخاص السود تقليدٌ أميركي قديم، ولكنه تقليد أخذ يعاد إحياؤه في عهد ترامب. وعندما تم اكتشاف قنابل الطرود الناسفة، زعم كثيرون على اليمين وبشكل فوري أن الأمر يتعلق بأخبار كاذبة أو بعملية خداع من قبل الليبراليين ليظهروا بمظهر الضحية. ولكن «مكتب التحقيقات الفيدرالي» سرعان ما رصد مصدر العبوات الناسفة، وتبين أنها من أحد أنصار ترامب المتطرفين، والذي بات يُعرف بين الكثيرين بـ منفّذ هجوم «اجعلوا أميركا عظيمة من جديد». وأهدافه كانت أشخاصاً ومؤسسات إعلامية سبق لترامب أن هاجمها في عدة خطابات (يُشار إلى ترامب واصل مهاجمة وسائل الإعلام الإخبارية باعتبارها «عدو الشعب».
والرجل الذي تم إيقافه في كنيس «شجرة الحياة» كان من المنتقدين لترامب، ويعتقد أن هذا الأخير ليس معادياً للسامية بما يكفي. ولكن ما أجّج غضبَه على ما يبدو هو نظريةُ مؤامرة يقوم أنصار ترامب بالترويج لها بشكل ممنهج - الادعاء بأن الأغنياء اليهود يقومون بجلب أشخاص سمر إلى أميركا من أجل أخذ مكان البيض. نظرية المؤامرة هذه اتضح أنها جزء أساسي من خطاب النازيين الجدد في أوروبا. إنها الموضوع الذي كان يتحدث عنه نازيو أميركا الجدد – الذين يصفهم ترامب بـ «الأشخاص الراقين جداً» – في مدينة شارلوتسفيل العام الماضي عندما هتفوا:«إن اليهود لن يأخذوا مكاننا».
وهي أيضاً الرسالة الضمنية للهيستيريا المفتعلة حول قافلة المهاجرين القادمين من أميركا الوسطى. فمروّجو الخوف لا يكتفون بتصوير مجموعة صغيرة من الأشخاص الجوعى والخائفين، والذين ما زالوا بعيدين عن حدود الولايات المتحدة، باعتبارهم غزواً وشيكاً، وإنما ما انفكوا يلمّحون بشكل ممنهج إلى أن اليهود يقفون بطريقة ما وراء الموضوع برمته. وبالتالي، فهناك رابط واضح بين تغطية قناة «فوكس نيوز» ومذبحة كنيس «شجرة الحياة».
ولكن، كيف يتعامل المدافعون عن ترامب مع هذه الصورة القبيحة؟ إنهم يتعاملون معها جزئياً من خلال الإنكار، حيث يزعمون أنهم لا يرون أي رابط بين خطاب الكراهية وجرائم الكراهية، ولكن أيضاً من خلال محاولات توزيع اللوم عبر ادّعاء أن «الديمقراطيين» بنفس درجة السوء، إن لم يكونوا أسوأ. وهكذا، إذا قال فريق: إن بعض أنصار ترامب يحاولون قتل منتقديه، يرد الفريق الآخر: حسناً، ولكن بعض خصوم ترامب صرخوا في وجه سياسيين في مطاعم! بيد أن هذا التكتيك الدعائي لا يساوي بين الاحتجاجات والعنف فحسب، وإنما يقوم على كذب صريح.
ففي اليوم الذي أعقب مذبحة بيتسبرج، غرّد جون كورنن – الذي يُعد القيادي الجمهوري الثاني من حيث الأهمية في مجلس الشيوخ – على تويتر قائلاً: «بيلوسي: إذا كانت ثمة «خسائر جانبية» لأولئك الذين لا يشاطروننا رؤيتنا، فليكن».
ولكن هذا كذب ما بعده كذب. وأنا على يقين من ذلك لأنني كنت حاضراً. والواقع أن التظاهر بأن كلا الجانبين يستحقان اللوم بشكل متساوٍ، أو ربط العنف السياسي بإشاعة الكراهية دون تحديد المسؤول عن إشاعتها، هو نوع من الجبن الكبير. والحقيقة هي أن طرفاً من الطيف السياسي يروّج للكراهية، بينما الطرف الآخر يمتنع عن ذلك. ورفض الإشارة إلى ذلك خشية أن يبدو المرء متحيزاً لحزب معين هو مساعدة في الواقع للأشخاص الذين يسمّمون حياتنا السياسية. وبالتالي، أجل إن الكراهية حاضرة في الانتخابات التي ستجرى اليوم.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»