«معبرين عن مصير واحد»، جملة يختزل فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدلالات العميقة لاحتفال دولة الإمارات العربية المتحدة بيوم العلم. فتحت ظل هذا العلم تحقق الحلم الذي كان يراود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، ذلك الحلم الذي يقول عنه: «الاتحاد أمنيتي وأسمى أهدافي لشعب الإمارات العربية».
نعم، لقد كان الشيخ زايد مدركاً لحقيقة الواقع المعاش في تلك الفترة، بل وذهب كما لم يذهب غيره لاستقراء المستقبل، وما يجب أن يكون عليه هذا الوطن وشعبه. أدرك الداخل الذي قال عنه طيب الله ثراه: «لقد ورثنا دوماً اتجاهاً انفصالياً وما نحتاج إليه بالفعل هو روح التعاون». هذا التعاون في فكر زايد لم يكن تحقيقه صعباً، وذلك نظراً لمعطيات شوّهتها حوادث وأحداث ومتغيرات طارئة ثانوية في منظور زايد ولابد من العودة إلى الأصل وهو التعاون والوحدة، حيث يقول زايد في ذلك: «إن التجزئة ليست من طبيعة شعبنا.. فالحدود لم تكن تمثل شيئاً أمام شعبنا الذي كان يتنقل في أربعة أركان وطننا دون أن يسأل هذه الأرض تعود لمن.. وقد عزز ذلك انتماء شعب هذه الأرض لأصل واحد مما يجعل الأسرة الواحدة في معظم الحالات تتوزع بأفرادها في أكثر من إمارة واحدة.. إن هذا التداخل ترتب عليه حقيقة هامة جداً هي أننا كنا موحدين فتفرقنا، والآن من الطبيعي أن نعود إلى ما كنا عليه.. فالأصل هو الوحدة، أما التجزئة فهي الاستثناء المؤقت وغير الدائم».
وحين تقرأ بتمعن ما قاله الشيخ زايد في تلك الفترة وتعود للحاضر لتستكمل تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بعد قول سموه «معبرين عن مصير واحد»، ليكمل: «وبيت واحد وانتماء لا يزيده الزمن إلا ثباتاً ورسوخاً»، تدرك مدى ما كان للشيخ زايد من مقدرة على استقراء المستقبل.
ويأتي يوم العلم ليذكرنا بمدى ضرورة الحفاظ على ذلك الإرث الذي تركه لنا فكر زايد، ليعززه ما قاله الشيخ محمد بن راشد من أن رمزية يوم العلم تزيد من انتمائنا لهذا العلم والوطن ثباتاً ورسوخاً.
إن الواجب علينا في يوم العلم ووقت رفعه استحضار ذلك اليوم الذي رُفع فيه لأول مرة. استحضار لما كان عليه سكان هذه الأرض قبل توحدهم تحت علم واحد. يوم العلم هو يوم مهم لاستذكار الهُوية الجديدة التي قدّمها زايد لشعبه، وهي «هوية الوطن». فيوم العلم كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو رمز لـ«وحدتنا وترابطنا وتكاتفنا، ونهجنا الثابت الذي أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويمضي في تثبيت أركانه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة».
في يوم العلم تقف الإمارات وشعبها تنظر لعلم واحد يوحدها يرتفع شيئاً فشيئاً، وعند كل شبر من الأرض يرتفع نتذكر معه إنجازات هذه الدولة المباركة، ولن تحول سارية العلم عن وقوف رمزية علم الإمارات في صعوده إلى السماء مع وصول القمر الاصطناعي «خليفة سات» واستقراره في مداره بعد ما تمت صناعته بأيد إماراتية، لينتظر هذا العلم وصوله إلى الفضاء في أبريل في العام القادم 2019 على يد الدكتور سلطان النيادي وهزاع المنصوري.

*أكاديمي إماراتي