يوماً بعد يوم تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة قدرتها على مواكبة كل التطلعات الوطنية والدولية، وتأكيد أهليتها الدائمة لخوض غمار التنافسية في الحاضر والمستقبل، فضلاً عن قدرتها على الحفاظ على مكانتها المتقدمة ضمن قائمة البلدان الأكثر استقطاباً لرؤوس الأموال العالمية. فدولة الإمارات التي استطاعت أن تحافظ على صدارتها إقليمياً ودولياً، بحسب العديد من المؤشرات الاقتصادية العالمية، لم تصل إلى تلك المكانة من فراغ، أو على سبيل المصادفة، وإنما وصلت إلى تلك المراتب المتقدمة بجهد دؤوب، والكثير من العمل والمثابرة والقدرة على استيعاب شروط ومتطلبات التنمية. فالقيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة أدركت أكثر من غيرها أن أول شروط التنافسية وتحقيق التنمية المستدامة لابد أن يواكب بمسطرة قانونية تضمن للمستثمر بشكل عام القدر اللازم من الإحساس بالأمان وتوافر بنية تشريعية صارمة تصون له حقوقه وتحدد له واجباته وتجعله يتجاوز مرحلة الإحساس بالمخاطرة. وبناء على ذلك جاء قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مؤخراً بإصدار مجموعة من المراسيم التي تهدف كلها إلى تعزيز مناخ الاستثمار وحماية الاقتصاد من كل أنواع التلاعب والتجاوزات غير المشروعة.
فلكي تعزز الدولة بيئتها الاستثمارية وتجذب رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة بما ينسجم وسياساتها التنموية، أصدر سموه مرسوماً بقانون رقم 19 لسنة 2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر، كما أصدر سموه مرسوماً بقانون اتحادي رقم 16 لسنة 2018 بشأن الأملاك العقارية للحكومة الاتحادية، بهدف تعزيز البنية القانونية والارتقاء بالنظم التشريعية للدولة وتنظيم الأملاك الخاصة بالحكومة الاتحادية وكل الحقوق المترتبة عليها. فيما جاء إصدار سموه المرسوم الاتحادي رقم 15 لسنة 2018 في شأن تحصيل الإيرادات والأموال العامة ليكمل المراسيم السابقة، حيث يهدف بشكل مباشر إلى التعجيل بإجراءات المطالبة والتنفيذ وتسوية وتحصيل الدين، شاملاً بذلك الضرائب والرسوم والأجور التي تفرض بموجب قانون اتحادي في المسائل الداخلة في اختصاص الدولة تشريعاً وتنفيذاً، والرسوم والأجور التي تحصّلها الدولة مقابل الخدمات التي تقدمها، والغرامات الإدارية والتعويضات المحكوم بها استناداً إلى أحكام القوانين الاتحادية. فضلاً عن عائدات استثمارات الدولة والمبالغ المستحقة مقابل بيع أو إيجار أو تمليك الأموال العامة أو الانتفاع منها وحصيلة ما تصدره الدولة من شهادات الاستثمار، والقروض المستحقة لها. وقد شكل إصدار صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة خطوة أخرى لا تقل أهمية، وذلك لكونه سيقطع الطريق أمام أنواع الجريمة المنظمة وتجفيف منابع التنظيمات الإرهابية التي باتت نشاطاتها تتداخل بشكل كبير مع عصابات تبييض الأموال وتهريبها في العديد من الأماكن في العالم. ولذا فإن حرص القيادة الرشيدة لدولة الإمارات على تطوير بنيتها التشريعية والقانونية يأتي من منطلق إيمانها بضرورة ضمان الالتزام المستمر بالمعايير الدولية ذات الصلة بمكافحة جرائم غسل الأموال ومواجهة تمويل الإرهاب. وهو ما نجحت فيه بشكل لافت للنظر خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تنامياً كبيراً لنشاط الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة بمختلف أنواعها.
لقد أدركت دولة الإمارات أن تعزيز بيئة الاستثمار يحتاج إلى الإدراك الواعي للمتغيرات العالمية، وبالتالي عمدت إلى وضع الاستراتيجيات الجديدة لتحقيق خططها التنموية والمحافظة على مكانتها المتفوقة بين الاقتصادات العالمية، وليس أدل على ذلك من المرتبة المتقدمة التي حصلت عليها الإمارات في العديد من المؤشرات والتقارير العربية والدولية المعنية بقياس قدرة الدول على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، وكان آخرها تقرير الاستثمار السنوي التاسع الصادر عن اتحاد الغرف العربية، الذي صدر في يوليو 2018، حيث أشار إلى أن دولة الإمارات استحوذت على 26.2% من إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الدول العربية خلال عام 2017، التي بلغ مجموعها نحو 39.6 مليار دولار، كان نصيب الإمارات منها نحو 10.4 مليار درهم، كما احتلت الإمارات المرتبة الـ 30 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2017، متقدمة خمس درجات عن ترتيبها في عام 2016، وفقاً لنتائج تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) للعام الجاري 2018.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية