تمضي دولة الإمارات العربية المتحدة قُدماً نحو تعزيز متانة اقتصادها بقطاعاته كافة، خاصة ما يتعلق بالقطاع المالي والنقدي فيها، من خلال إقرار تشريعات وبرامج وسياسات متطورة، تكفل فيها تكامل الأحكام والقواعد الضرورية اللازمة لدعم الاستقرار المالي، وترفع ثقة المتعاملين الماليين، وتعزز تنافسية الدولة ومكانتها الرائدة، كأحد أهم مراكز المال والأعمال على مستوى العالم، وذلك بفضل ما تمتلكه من إمكانات ومحفزات ومزايا، تحدّ من مخاطر الائتمان، وتعزز أطر الرقابة والحوكمة والشفافية والثقة، وترتقي بأداء الاقتصاد الوطني، وتستقطب مزيداً من الإيداعات والاستثمارات.
ويعدّ إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة 2018، في شأن المصرف المركزي، وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية، دليلاً واضحاً على إيلاء القيادة الرشيدة الاهتمام الكبير لتعزيز متانة النظام المالي واستقراره في دولة الإمارات، حيث قال سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية: «إن القانون الجديد رفع رأسمال المصرف إلى 20 مليار درهم، وسمح بتكوين احتياطي عام يصل إلى أربعة أضعاف رأس المال المدفوع»، مضيفاً سموه أن القانون يسمح «بممارسة امتياز إصدار النقد، وتنظيم الأنشطة المالية، ووضع الأسس الخاصة بممارستها، وتحديد المعايير المطلوبة لتطوير وتعزيز الممارسات الاحترازية، ويمنح المصرف صلاحيات إدارة الاحتياطيات الأجنبية للاحتفاظ بها في جميع الأوقات باحتياطيات كافية من الأصول بالعملة الأجنبية لتغطية القاعدة النقدية، ومراقبة الوضع الائتماني». وحدد القانون ثلاثة أهداف رئيسة للمصرف، تتجلى في حماية استقرار النظام المالي في الدولة، وضمان إدارة رشيدة لاحتياطيات المصارف الأجنبية، والمحافظة على استقرار العملة الوطنية في إطار النظام النقدي، بما يساهم في تحقيق نمو متوازن لاقتصاد الدولة الوطني، من دون أن تسري أحكامه على المناطق الحرة المالية في الدولة، والمنشآت المالية الخاضعة للسلطات الرقابية في تلك المناطق. وجاء القانون لتعزيز سلطات المصرف في إنفاذ القانون، وتعزيز أداء السياسات النقدية واستقرار النقد، وفق أطر رقابية وإجراءات شفافة في قواعد الإفصاح والامتثال والحوكمة في عمليات المصرف المركزي، وذلك ضماناً لرفع الأداء النقدي للدولة، والحفاظ على الوضع الائتماني فيها.
لقد أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة قدرتها على إدارة المال العام وفق سياسات مالية رشيدة، وإجراءات واضحة، تستند فيها إلى أعلى درجات الكفاءة والتميز والشفافية، وذلك في ظل جهودها لتطوير الأداء المالي وتنويع تدفقات الإيرادات، حيث يعدّ هذا القانون خطوة مهمة لتطوير القطاع المالي بشكل شمولي، وتعزيز استقلالية المصرف المركزي وسلطاته الإشرافية في الرقابة على القطاع المالي بفاعلية، وتعزيز التعاون والتنسيق مع السلطات الرقابية الأخرى في الدولة، وإرساء البيئة التشريعية والقانونية المُثلى لنهضة الاقتصاد، والحفاظ على مقدرات وأصول الدولة، وضبطها بما لا يخلُّ بمتطلبات التنمية، وبما يتماشى مع أفضل الممارسات والمعايير الدولية، ويرسخ سمعة دولة الإمارات بين أقوى أسواق المال.
إن تعزيز الإطار التشريعي، المتعلق بالقضايا النقدية والمالية، يعدّ أولوية لدى صانع القرار في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يمثل تنظيم المؤسسات والأنشطة المالية أحد أهم أركان استقرار الأداء النقدي والنظام المالي، ويساهم في استقرار العملة، ويعزز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال الإدارة الحكيمة للاحتياطيات، وترسيخ قوة البنية المالية ومتانتها، وتحسين خدمات العمليات المصرفية، وفق أنظمة ذات كفاءة، تقوم على معايير الدقة والابتكار والأمان، وذلك كله في سبيل تعزيز حماية القطاع المصرفي، استناداً إلى أحدث أنظمة الرقابة المصرفية التي تواكب المعايير الدولية في قضايا الإصلاح الرقابي، وتحديد الإجراءات الهادفة إلى زيادة مقاومة النظام المصرفي للأزمات، بأنظمة آمنة، ومبادرات ومشاريع مبتكرة، تركز على توجهات القيادة الرشيدة في تعزيز أدوات مراقبة المخاطر المالية، وسياسات الرقابة الاحترازية في الدولة.
عن نشرة أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية